ثم استهلّت سنة خمس وخمسين وسبعمائة، فكان فيها الواقعة والفتنة بين حاشية طاز وبين صرعتمش، والسبب لهذه الحركة أن الأمير صرغتمش كان يخاف من طاز ويغضّ منه وكذلك كان طاز يغضّ من صرغتمش، وكان طاز يدخل على شيخون مرارا عديدة بمسك صرغتمش، وكان شيخون يكره الفتن والفساد، وقصده الصلاح للأمور بكلّ ما يمكن فكان شيخون يعده ويصبّره، وكان صرغتمش أيضا يخاف شرّ طاز ويقول لشيخون: هذا ما يريد الّا هلاكى، فكان شيخون يطمّنه على نفسه ويعده بكلّ خير، وكان إخوة طاز وحواشيه تحرّضه على صرغتمش وعلى إثارة الفتنة وقوى أمر طاز وإخوته وخرج عن الحدّ، وهم الأمير جنتمر وكلناى وصهره طقطاى، فهؤلاء الذين كانوا يحرّكون طاز على قيام الفتنة، ومسك صرغتمش ليستبدّ طاز بالأمر وحده، ويكونوا هم عظماء الدولة، وشيخون يعلم بذلك ويسكّنهم ويرجعهم عن قصدهم، وطاز يستحى من شيخون، وطال الأمر إلى أن اتفق طاز مع إخوته المذكورين وغيرهم من مماليكه وأصحابه أنه يخرج هو إلى الصيد، فاذا غاب عن المدينة يركب هؤلاء على صرغتمش ومن يلوذ به ويمسكونه فى غيبته، فيكون بغيبة طاز له عذر عند شيخون من حيائه منه، فلمّا خرج طاز الى الصيد بالبحيرة بإذن الأمير شيخون له وما عند شيخون علم من هذا الاتّفاق، رتّب حاشية طاز وإخوته ومن يلوذ به أمرهم واجتمعوا ولبسوا السلاح وركبوا على صرغتمش فلمّا سمع شيخون بذلك أمر مماليكه أن يركبوا بالسلاح وكانوا مقدار سبعمائة مملوك فركبوا. وركب الأمير صرغتمش ومن يلوذ به، ووقع الحرب بينهم وبين إخوة طاز، وتقاتلا فانكسر إخوة طاز وقبض عليهم، وعلى أكابر مماليك طاز وحواشيه، فهربت البقية، فدخل صرغتمش هو ومن بقى من أكابر الأمراء إلى شيخون وقالوا: لا بدّ من خلع الملك الصالح صالح وإعادة الملك الناصر حسن إلى السلطنة،