السّتارة ويخرج الأسياد أولاد السلطان الملك الأشرف ساعة ثم يعود كلّ واحد إلى محلّه فامتثلوا ذلك، فكانوا لما يطلعون إلى القلعة ويخرج عليهم الأسياد وأكبرهم أمير علىّ يقوم الأمراء ويبوسون أيديهم ويقعدون ساعة لطيفة فيقوم أمير علىّ ويشير بيده أمرا باسم الله فيقوم الأمراء وينصرفون بعد أن يسقون مشروبا ووقع ذلك في غيبة السلطان مدّة يسيرة.
فلما كان يوم السبت ثالث ذى القعدة اتفق طشتمر اللفّاف وقرطاى الطازى وأسندمر الصرغتمشى وأينبك البدرى وجماعة من المماليك السلطانية وجماعة من مماليك الأسياد أولاد السلطان الملك الأشرف وجماعة من مماليك الأمراء المسافرين صحبة السلطان الملك الأشرف ولبسوا السلاح واتفق معهم من بالأطباق من المماليك السلطانية وهجموا الجميع القلعة وقصدوا باب السّتارة فغلق سابق الدين مثقال الزّمام باب الساعات ووقف داخل الباب ومعه الأمير جلبان اللّالا، لالا أولاد السلطان وآقبغا جركس اللّالا أيضا، فدقّت المماليك الباب وقالوا: أعطونا سيّدى أمير علىّ، فقال لهم اللّالا: من هو كبيركم حتى نسلم لهم سيّدى عليّا! وأبى أن يسلمهم سيدى عليّا، وكثر الكلام بينهم ومتقال الزّمام يصمّم على منع أمير علىّ فقالوا له:
السلطان الملك الأشرف مات: ونريد أن نسلطن ولده أمير علىّ، فلم يلتفت مثقال الى كلامهم، فلما علموا المماليك ذلك، طلعوا جميعا وكسروا شبّاك الزّمام المطلّ على باب الساعات، ودخلوا منه ونهبوا بيت الزمام وقماشه، ثم نزلوا إلى رحبة باب السّتارة ومسكوا مثقالا الزّمام وجلبان اللّالا وفتحوا الباب، فدخلت بقيّتهم وقالوا: أخرجوا أمير علىّ، حتى نسلطنه فانّ أباه توفّى إلى رحمة الله تعالى، فدخل الزمام على رغم أنفه وأخرج لهم أمير علىّ فأقعد في باب الستارة، ثم أحضر الأمير أيدمر الشمسى فبوّسوه الأرض لأمير علىّ، ثم أركبوا أمير علىّ على بعض خيولهم