للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

*** السنة الثانية من ولاية أبي عون على مصر وهي سنة خمس وثلاثين ومائة- فيها خلع زياد طاعة الخليفة السفاح بما وراء النهر فتهيأ لحربه أبو مسلم الخراساني، وبعث نصر بن راشد إلى ترمذ «١» ليحصنها، فقاتلته طائفة من الخوارج، وسار أبو مسلم وحارب زياد بن صالح المذكور وقبض عليه.

وذكر الذهبي هذه الواقعة في سنة خمس وثلاثين ومائة. وفيها أيضاً كانت حركة ملك الصين، وكان زياد بن صالح المذكور متولي سمرقند فتهيأ لقتاله وكتب إلى أبي مسلم الخراساني بذلك، ووقع لهم معه أمور وحروب إلى أن انهزم ملك الصين، كل ذلك قبل خروج زياد بن صالح عن الطاعة. وفيها توفيت رابعة «٢» العدوية البصرية الزاهدة العابدة، وكانت مولاة لآل عتيك، وكان سفيان الثوري وأقرانه يتأدبون معها، وكانت رابعة تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعةً خفيفة حتى يسفر الفجر ثم تثب إلى الصلاة وتقول: يا نفس كم تنامين، وإلى كم لا تقومين «٣» ؛ يوشك أن تنامين نومة لا تقومين منها إلا بصرخة «٤» .

وفيها قتل سليمان بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي، وكان سليمان مبايناً لمروان الحمار والتجأ لبنى العباس فأمنه السفاح وصار يجالسه، فأرسل إليه أبو مسلم الخراساني يقول: قد بقي من الشجرة الملعونة فرع، في كلام طويل، فلم يلتفت السفاح إلى كلامه فدس أبو مسلم إلى سديف الشاعر مالاً وقال له: قل في هذا المعنى شعراً، فأنشد سديف المذكور السفاح وأشار إلى سليمان: