جامعه «١» وخانقاته، خارج باب الوزير بالقرب من قلعة الجبل. وكانت جنازته مشهودة وكان عمره يوم مات بضعا وستين سنة، وقد مرّ من ذكره ما يستغنى به عن التكرار هنا. وكان ابتداء أمره وظهور اسمه من سلطنة الملك الناصر أحمد ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون وهلمّ جرّا إلى يومنا هذا، حتى إنه لم يذكر سلطان بعد موت محمد بن قلاوون، إلا ومنجك هذا له فيه أمر وذكر وواقعة. وقد طالت أيامه في السعادة على أنه قاسى فيها خطوبا وأهوالا وأمسك وحبس ثم أطلق واختفى مدّة ثم ظهر وقد تكرر ذلك كلّه مفصلا في عدّة تراجم من سلاطين مصر.
وأمّا ما عمّره من المساجد والجوامع والمآثر فقد ذكرنا ذلك كلّه في ترجمته «فى المنهل الصافى «٢» والمستوفى بعد الوافى» فلينظر هناك.
وتوفّى الأمير سيف الدين يلبغا بن عبد الله الناصرىّ حاجب الحجّاب بالديار المصرية وأحد أمراء الألوف بها، وكان من أماثل الأمراء وأعيان المماليك الناصرية، ترقّى بعد موت أستاذه الملك الناصر محمد وولى عدّة وظائف أعظمها حجوبيّة الحجّاب.
وتوفّى الأمير سيف الدين أيدمر بن عبد الله الناصرىّ الدّوادار بالقاهرة عن نيّف وستين سنة، وكان أميرا عالى القدر ظاهر الحشمة وافر المهابة حسن السياسة والتدبير، يبدأ الناس بالسلام ويكثر من ذلك، حتى إنه لمّا ولى نيابة حلب لقّبه أهلها «بسلام عليكم» وكان أوّلا أمير مائة ومقدّم ألف بديار مصر.
ثم ولى نيابة طرابلس ثم نيابة حلب ثم عزل وطلب إلى ديار مصر واستقرّ بها أمير مائة ومقدّم ألف أيضا إلى أن مات وهو أجل أمراء عصره.