الخبر ففى الحال أخذ أينبك السلطان ورجع به إلى نحو القاهرة حتّى وصلها في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الآخر وطلع به إلى قلعة الجبل وأنزل الأتابك أينبك السلطان الملك المنصور إلى الإسطبل السلطانىّ وجاءه بعض أمراء من أصحابه ثم أخذ أينبك فى إصلاح أمره وبينما هو في ذلك بلغه أن الأمير قطلقتمر العلائىّ الطويل والأمير ألطنبغا السلطانىّ وكانا رجعا معه من بلبيس، ركبا بجماعتهما في نصف الليل ومعهما عدّة من الأمراء وسائر المماليك السلطانية وخرج الجميع إلى قبّة النصر «١» موافقة لمن كان من الأمراء بالجاليش المقدّم ذكره، فجهز أينبك الأمير قطلوخجا في مائتى مملوك لقتال هؤلاء، فخرج بهم قطلوخجا إلى قبّة النصر، فتلقّاه القوم وحملوا عليه فآنكسر ومسك.
فلما بلغ أينبك ذلك جهّز الأمراء الذين كانوا بقلعة الجبل وأرسلهم إلى قبة النصر وهم: آقتمر من عبد الغنىّ نائب السلطنة وأيدمر الشمسىّ وبهادر الجمالىّ الأستادار ومبارك الطازىّ. هذا وقد ضعف أمر أينبك المذكور وخارت قواه، فإنّه بلغه أن جميع العساكر اتّفقت على مخالفته حتى إنه لم يعلم من هو القائم بهذا الأمر لكثرة من خرج عليه، فلمّا رأى أمره في إدبار ركب فرسه ونزل من الإسطبل السلطانىّ من غير قتال وهرب إلى ناحية كيمان مصر فتبعه أيدمر الخطائىّ وجماعة من العسكر فلم يقف له أحد على أثر، كلّ هذا وإلى الآن لم يجتمع من بالجاليش مع من هو بقبّة النصر من الأمراء، غير أنّ الفتنة قائمة على ساق والغوغاء ثائرة والسعد قد زال عنه من غير تدبير ولا عمل واختفى أينبك بتلك الجهة ثم وجدوا فرسه وقباءه ولبسه، ولمّا استولت الأمراء على القلعة على ما سنحكيه- إن شاء الله تعالى- بعد أن نذكر قتلة أينبك المذكور ألزموا والى القاهرة