وتوفّى الأمير الكبير زين الدين بركة بن عبد الله الجوبانىّ اليلبغاوىّ رأس نوبة الأمراء وأطابك الديار المصريّة مقتولا بثغر الإسكندرية بيد صلاح الدين خليل ابن عرّام نائب الثغر المذكور في شهر رجب. وقد ذكرنا ما وقع لابن عرّام بسببه من الضرب والتّسمير والتّقطيع بالسيوف في ترجمة الملك المنصور هذا. كان بركة من مماليك يلبغا وصار من بعده في خدمة أولاد الملك الأشرف شعبان إلى أن كانت قتلة الملك الأشرف شعبان، قام هو وخشداشه برقوق مع أينبك فأنعم أينبك على كلّ منهما بإمرة طبلخاناه دفعة واحدة من الجنديّة وندبهما بعد شهر للسفر مع الجاليش إلى الشام فاتّفق بركة هذا مع خشداشيته ووثبوا على أخى أينبك حتى كان من أمر أينبك ما ذكرناه، صار بركة هذا أمير مائة ومقدّم ألف هو وبرقوق وأقام على ذلك مدّة. ثم اتّفق مع برقوق وخشداشيته على مسك الأمير طشتمر العلائىّ الدّوادار فمسك طشتمر بعد أن قاتلهم، ومن يوم ذاك استبدّ برقوق بالأمر وبركة هذا شريكه فيه وصار برقوق أتابك العساكر وبركة أطابك رأس نوبة الأمراء، وحكما مصر إلى أن وقع الخلف بينهما وتقاتلا، فانتصر برقوق على بركة هذا وأمسكه وحبسه بثغر الإسكندرية إلى أن قتله ابن عرّام، حسب ما تقدّم ذكر ذلك كلّه فى ترجمة الملك المنصور. وإنما ذكرناه هنا ثانيا تنبيها لما تقدّم، فكان بركة ملكا جليلا شجاعا مهابا تركىّ الجنس وفيه كرم وحشمة وله المآثر بمكة المشرّفة وبطريق الحجاز الشريف وغيره. رحمه الله تعالى.
وتوفّى قاضى «١» القضاة جلال الدين أبو المعالى محمد ابن قاضى القضاة نجم الدين محمد ابن قاضى القضاة فخر الدين عثمان بن جلال الدين أبى المعالى علىّ بن