وخبر سلطنته أنه لمّا مات أخوه الملك المنصور علىّ تكلّم الناس بسلطنة الأتابك برقوق العثمانىّ وأشيع ذلك فعظمت هذه المقالة على أكابر أمراء الدولة وقالوا: لا نرضى أن يتسلطن علينا مملوك يلبغا وأشياء من هذا النّمط، وبلغ برقوقا ذلك، فخاف ألّا يتمّ له ذلك، فجمع برقوق الأمراء والقضاة والخليفة في اليوم المذكور بباب الستارة بقلعة الجبل وتكلم معهم في سلطنة بعض أولاد الأشرف شعبان، فقالوا له: هذا هو المصلحة وطلبوهم من الدور السلطانية وحضر أمير حاج هذا من جملة الإخوة، فوجدوا بعضهم ضعيفا بالجدرى والبعض صغيرا، فوقع الاختيار على سلطنة أمير حاج هذا، لأنه كان أكبرهم، فبايعه الخليفة وحلف له الأمراء وباسوا يده ثم قبّلوا له الأرض، ولقّب بالملك الصالح وهو الذي غيّر لقبه فى سلطنته الثانية بالملك المنصور، ولا نعرف سلطانا تغيّر لقبه غيره، وذلك بعد أن خلع برقوق وحبس بالكرك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى مفصّلا في وقته- انتهى.
ولمّا تمّ أمر الملك الصالح هذا ألبسوه خلعة السلطنة وركب من باب الستارة بأبّهة الملك وبرقوق والأمراء مشاة بين يديه إلى أن نزل إلى الإيوان بقلعة الجبل وجلس على كرسىّ الملك وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه، ثم مدّ السّماط وأكلت الأمراء. ثم قام السلطان الملك الصالح ودخل القصر وخلع على الخليفة المتوكّل على الله خلعة جميلة ونودى بالقاهرة ومصر بالأمان والدعاء للملك الصالح حاجّى وخلع على الأتابك واستقرّ على عادته أتابك العساكر ومدبّر الممالك لصغر سنّ السلطان، وكان سنّ السلطان يوم تسلطن نحو تسع سنين تخمينا.
ثم في سابع عشرين صفر المذكور جلس السلطان الملك الصالح بالإيوان للخدمة على العامه. ثم قام ودخل القصر، بعد أن حضر الخليفة والقضاة والأمراء والعساكر