للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعندما وقع بصر والده عليه وأخذ برقوق في تقبيل يده ناداه باسمه برقوق من غير تعظيم ولا تحشّم. وكان والد برقوق لا يعرف الكلمة الواحدة من اللغة التركية، فلمّا جلس في صدر المخيّم وصار يتكلّم مع ولده برقوق بالجاركس تكرّر منه لفظ «برقوق» غير مرة.

ثم لمّا قدم القاهرة وصار أمير مائة ومقدّم ألف استمرّ على ما ذكرناه من أنه ينادى برقوقا باسمه ولا يقوم له إذا دخل عليه، فكلّمه بعض أمراء الجراكسة أن يخاطبه بالأمير، فلم يفعل وغضب وطلب العود إلى بلاد الجاركس، فلو كان لبرقوق اسم غير برقوق ما ناداه إلّا به ولو قيل له في ذلك ما قبله. فهذا من أكبر الأدلة على أن اسمه القديم «برقوق» . وكذلك وقع لبرقوق مع الخوندات، فإن أخته الكبرى كانت أرضعت برقوقا مع ولد لها، وكانت أيضا لا تعرف باللّغة التركية، فكان أعظم يمين عندها: وحقّ رأس برقوق. وقدم مع الخوندات جماعة كبيرة من أقاربهم وحواشيهم وتداول مجيئهم من بلاد الجاركس إلى القاهرة إلى الدولة الناصرية، ورأيت أنا الخوندات غير مرّة.

وأما جواريّهم وخدمهم فصار غالبهم عندنا بعد موتهم. واستولد الوالد بعض من حضر معهم من بلاد الجاركس من الجوارى وكان غالب من حضر معهم من عجائز الجراكسة يعرف مولد برقوق فلم نسمع من أحد منهم ما نقله من تغيير اسمه ولا من أحد من مماليكه مع كثرة عددهم واختلاف أجناسهم. ومنهم من يدّعى له بقرابة مثل الأمير قجماس والد إينال الأمير الآخور الكبير وغيره، وقد أثبت ذرية قجماس المذكور أنّه ابن عمّ برقوق بسبب ميراث مماليكه بمحضر شهد فيه جماعة من قدماء الجراكسة وسمّى فيه برقوق برقوقا وسمّى قجماس فجماسا.