الذين توجّهوا للناصرى لكلّ أمير من أمراء الألوف عشرة آلاف دينار ولكل أمير طبلخاناه خمسة آلاف دينار وحلّفهم على طاعته ونصرته وأعطى في ليلة واحدة للأمير الكبير قرادمرداش الأحمدىّ ثلاثين ألف دينار دفعة واحدة وخاتما مثمّنا، قيمته آلاف عديدة، حتى قال له: قرادمرداش المذكور: يا مولانا السلطان روحى فداؤك لا تخف ما دمت أنا واقف في خدمتك أنت آمن، فشكره السلطان، فنزل من عنده في الحال ركب وخرج من باب القرافة وقطع الماء الذي يجرى إلى القلعة وتوجّه مع من ذكرنا من الأمراء إلى الناصرىّ، فلم يلتفت الناصرىّ لهم ذاك الالتفات الكلّىّ، بل فعل معهم كما فعل مع غيرهم ممّن توجّه إليه من أمراء مصر. انتهى.
ولمّا بلغ السلطان نفاق هؤلاء الأمراء عليه بعد أن أنعم عليهم بهذه الأشياء، علم أنّ دولته قد زالت، فأغلق في الحال باب زوبلة وجميع الدروب وتعطّلت الأسواق وامتلأت القاهرة بالزّعر واشتدّ فسادهم وتلاشت الدولة الظاهريّة وانحلّ أمرها وخاف والى القاهرة حسام الدين بن الكورانىّ على نفسه، فقام من خلف باب زويلة وتوجّه إلى بيته واختفى وبقى الناس غوغاء وقطع المسجونون قيودهم بخزانة شمائل «١» وكسروا باب الحبس وخرجوا على حميّة جملة واحدة، فلم يردّهم أحد بشغل كلّ واحد بنفسه وكذلك فعل أهل حبس «٢» الدّيلم وأهل سجن