الثانية المنصور وقلده الخليفة أمور الرعية على العادة وقبّل الأمراء الأرض بين يديه ودقّت النواقيس والكوسات ونودى باسمه بالقاهرة ومصر وبالأمان والدعاء للملك المنصور ثم للأتابك يلبغا وتهديد من نهب فاطمأنت الناس.
ثم قام الملك المنصور إلى القصر وسائر أرباب الدولة بين يديه واستقرّ الأمير الكبير يلبغا الناصرى أتابك العساكر بالديار المصرية ومدبّر المملكة وصاحب حلّها وعقدها، ففى الحال أمر الناصرى للامير ألطنبغا الأشرفى والأمير أرسلان اللفاف وقراكسك والأمير أردبغا العثمانى أن يكونوا عند السلطان الملك المنصور بالقصر، وأن يمنعوا من يدخل عليه من التّركمان وغيرهم. ونزل الأتابك يلبغا الناصرىّ إلى الإسطبل السلطانى حيث هو سكنه وخلع على الأمير حسام الدين حسين بن على ابن الكورانى بولاية القاهرة على عادته أولا فسّر الناس بولايته. وتعيّن الصاحب كريم الدين بن عبد الكريم بن عبد الرزّاق بن إبراهيم بن مكانس مشير الدولة وأخوه فخر الدين عبد الرحمن لنظر الدولة على عادته وأخوهما زين الدين لنظر الجهات، وأعاد جميع المكوس التي أبطلها الملك الظاهر برقوق.
ثم نودى بالأمان للماليك الجراكسة وأن جميع المماليك والأجناد على حالهم وأنّ الأمير الكبير لا يغيّر على أحد منهم شيئا مما كان فيه ولا يخرج عنه إقطاعه.
ثم في يوم الأربعاء سادس الشهر قدم الأمير ألطنبغا الجوبانى نائب الشام كان والأمير الطنبغا المعلم أمير سلاح كان والأمير قردم الحسنى رأس نوبة النّوب كان من سجن الإسكندرية وطلعوا إلى السلطان وترحّب بهم الأمير الكبير يلبغا الناصرى.
ثم نودى ثانيا بالقاهرة بأن من ظهر من المماليك الظاهرية فهو على حاله باق على إقطاعه ومن اختفى منهم بعد النداء حل ماله ودمه للسلطان.