ثم في ليلة الجمعة حملوا الأمراء المسجونون بقلعة الجبل إلى ثغر الإسكندريه ما خلا الأمير محمود الأستدار وبقيت المماليك الظاهرية في الأبراج متفرقة بقلعة الجبل، ثم أطلق الأمير آقبغا الماردينى حاجب الحجّاب، وأخرج من الحرّاقة «١» لشفاعة صهره الأمير أحمد بن يلبغا العمرى أمير مجلس فيه فردّ معه أرسلان اللّفّاف ومحمد بن تنكر شفع فيهما أيضا بعض الأمراء.
وفيه أيضا نودى على الملك الظاهر برقوق وهدّد من أخفاه فكثر الدعاء من العامة للملك الظاهر برقوق وكثر الأسف على فقده، وثقلت أصحاب الناصرى على الناس ونفروا منهم، فصارت العامّة تقول:
راح برقوق وغزلانه، وجاء الناصرى وتيرانه.
ثم قبض الناصرى على الطواشى بهادر الشهابى مقدّم المماليك، كان الذي كان الملك الظاهر عزله من التقدمة ونفاه إلى طرابلس، فحضر مع الناصرى من جملة أصحابه، فاتّهم أنه أخفى الملك الظاهر برقوقا، فنفى إلى المرقب «٢» وختم على حواصله ونفى معه أسنبغا المجنون.
وفي ثانى عشره سجن محمود الأستدار وهو مقيّد بالزردخاناه.
وفيه ألزم الأمير الكبير يلبغا الناصرى حسين بن الكورانى الوالى بطلب الملك الظاهر برقوق وخشّن عليه في الكلام بسببه، فنزل ابن الكورانى من وقته وكرر النداء عليه بالقاهرة ومصر وهدّد من أخفاه بأنواع العذاب والنّكال.
هذا وقد كثر فساد التركمان أصحاب الناصرى بالقاهرة، وأخذوا النساء من الطرقات ومن الحمامات، ولم يتجاسر أحد على منعهم.