فدلّته على موضع أبى يزيد وعلى الملك الظاهر، وأنهما في بيت رجل خيّاط بجوار بيت أبى يزيد، فمضى ابن الكورانىّ إلى البيت، وبعث إلى الناصرىّ يعلمه، فأرسل إليه الأمراء.
وقيل غير ذلك وجه آخر، وهو أن السلطان الملك الظاهر لمّا نزل من الإسطبل كان ذلك وقت نصف الليل من ليلة الاثنين المقدّم ذكرها، فسار إلى بحر النيل، وعدّى إلى بحر النيل، وعدّى إلى برّ الجيزة ونزل عند الأهرام، وأقام هناك ثلاثة أيام، ثمّ عاد إلى بيت أبى يزيد المذكور، فأقام عنده إلى يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة، فحضر مملوك أبى يزيد إلى الناصرى وأعلمه أن الملك الظاهر في بيت أستاذه، فأحضر الناصرىّ في الحال أبا يزيد، وسأله عن الملك الظاهر فاعترف أنه عنده، فأخذه ألطنبغا الجوبانى وسار به إلى البيت الذي فيه الملك الظاهر برقوق، فأوقف أبو يزيد الجوبانى بمن معه، وطلع هو وحده إلى الملك الظاهر وحدّثه الخبر، ثم أذن أبو يزيد للجوبانى، فطلع فلما رآه الملك الظاهر برقوق قام له وهمّ بتقبيل يديه فاستعاذ بالله الجوبانى من ذلك، وقال له: ياخوند، أنت أستاذنا ونحن مماليك، وأخذ يسكّن روعه، حتى سكن ما به.
ثم ألبسه عمامة وطيلسانا وأنزله من الدار المذكورة، وأركبه، وأخذه وسار من صليبة «١» ابن طولون نهارا، وشقّ به بين الملأ من الناس إلى أن طلع به إلى الإسطبل السلطانى بباب السلسلة حيث هو سكن الأمير [الكبير] يلبغا الناصرى، فأجلس بقاعة الفضة من القلعة وألزم أبو يزيد بمال الملك الظاهر الذي كان معه، فأحضر كيسا وفيه ألف دينار، فأنعم به الناصرى عليه، وأخلع عليه، ورتّب الناصرى