ثمّ في سلخ جمادى الآخرة فرّق الناصرى المثالات «١» على الأمراء، وجعلهم أربعة وعشرين تقدمة على العادة القديمة، أراد بذلك أن يظهر للناس ما أفسده الملك الظاهر برقوق في أيام سلطنته من قوانين مصر، فشكره الناس على ذلك.
ثم نودى بالقاهرة بالأمان: ومن ظلم من مدّة عشرين سنة فعليه بباب الأمير الكبير يلبغا الناصرىّ، ليأخذ حقّه.
ثم في يوم السبت أوّل شهر رجب وقف أوّل النهار زامر على باب السلسلة تحت الإسطبل السلطانى، حيث هو سكن الناصرىّ، وزعق في زمره؛ فلما سمعه الناس اجتمع الأمراء والمماليك في الحال، وطلعوا إلى خدمة الناصرىّ، ولم يعهد هذا الزّمر بمصر قبل ذلك على هذه الصورة، وذكروا أنها عادة ملوك التتار إذا ركبوا يزعق هذا الزامر بين يديه، وهو عادة أيضا في بلاد حلب، فاستغرب أهل مصر ذلك واستمرّ في كلّ يوم موكب.
وفيه أيضا رسم الناصرىّ أن يكون رءوس نوب السّلاحداريّة والسّقاة والجمداريّة ستّة لكل طائفة على ما كانوا أوّلا قبل سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين، فإن الأشرف هو الذي استقرّ بهم ثمانية، وخلع الناصرى على قطلوبغا الفخرى باستقراره نائب قلعة الجبل عوضا عن الأمير بجاس.
وفي خامسه قدم الأمير نعير بن حيّار بن مهنّأ ملك العرب إلى الديار المصرية، ولم يحضر قطّ في أيام الملك الظاهر برقوق، وقصد بحضوره رؤية الملك المنصور