للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الوالد: فعند ذلك قوى أمرنا، واستفحل واستمرّوا على حصار دمشق وبينما هم في ذلك وإذا بنعير قد أقبل في عربانه يريد قتال الملك الظاهر برقوق، فخرج الملك الظاهر وقاتله فكسره، واستولى على جميع ما كان معه فقوى الملك الظاهر بما صار إليه من هذه الوقائع من الخيل والسلاح وصار له برك كبير بعد ما كان معه خيمة صغيرة لا غير، وكانت مماليكه في أخصاص، وكلّ منهم هو الذي يخدم فرسه بنفسه. والآن فقد صاروا بالخيم والسلاح والغلمان، هذا ومماليك الملك الظاهر يتداول مجيئهم إليه شيئا بعد شىء ممن كان نفاهم الناصرى ومنطاش إلى البلاد الشامية.

ووصل الخبر بهذه الوقائع كلّها إلى منطاش في خامس عشر ذى القعدة، فقامت قيامة منطاش لما سمع هذه الأخبار وأخذ في تجهيز الملك المنصور حاجىّ للسفر لبلاد الشام لقتال الملك الظاهر برقوق، وأمر الوزير موفّق الدين بتجهيز ما يحتاج إليه السلطان، فلم يجد في الخزانة ما يجهّز به السلطان، واعتذر بأنّ المال انتهب وتفرّق في هذه الوقائع فقبل عدره وسأل منطاش قاضى القضاة صدر الدين المناوى الشافعى. وكان ولّاه قضاء القضاة قبل تاريخه بمدة يسيرة بعد عزل ناصر الدين ابن بنت الميلق. وقال له: أقرضنى مال الأيتام، وكانت إذ ذاك أموالا كثيرة، فامتنع المناوى من ذلك، ووعظه فلم يؤثر فيه الوعظ، وختم على جميع مال الأيتام، ثم رسم منطاش لحاجب الحجّاب ولناصر الدين محمد بن قرطاى نقيب الجيش بتفرقة النقباء على أجناد الحلقة، وحثّهم على التجهيز للسفر، وبينما هم في ذلك قدم عليه الخبر بكسرة ابن باكيش نائب غزة ثانيا من الملك الظاهر برقوق، وأخذ الملك الظاهر ما كان معه، فاشتدّ عند ذلك الاضطراب وكثر الإرجاف ووقع الاهتمام بالسفر، وأزعج أجناد الحلقة، واستدعى منطاش الخليفة المتوكّل