بلغ ذلك منطاش جدّ في السير هو والسلطان والعساكر إلى نحو الملك الظاهر برقوق.
وبلغ الملك الظاهر مجىء الملك المنصور ومنطاش لقتاله فترك حصار دمشق وأقبل نحوهم بعساكره ومماليكه حتى نزل على شقحب «١» ، ونزل العسكر المصرى على قرية المليحة وهي عن شقحب بنحو البريد، وأقاموا بها يومهم، وبعثوا كشافتهم، فوجدوا الملك الظاهر برقوقا على شقحب، فتقدم منطاش بالسلطان والعساكر إلى نحوه بعد أن صف منطاش عساكر السلطان ميمنة وميسرة، وقلبا وجناحين، وجعل للميمنة رديفا، وكذلك للميسرة، هذا بعد أن رتّب الملك الظاهر برقوق أيضا عساكره، غير أنه لم يتصرف في التعبية كتصرف منطاش لقلة جنده.
ووقف منطاش في الميمنة على ميسرة الظاهر برقوق، والتقى الفريقان في يوم الأحد رابع عشر للمحرم في سنة اثنتين وتسعين وتصادما، واقتتل الفريقان قتالا عظيما لم يقع «٢» مثله في سالف الأعصار وحمل منطاش من الميمنة على ميسرة الظاهر، وحمل أصحاب ميمنة الظاهر على ميسرة الملك المنصور، وبذل كلّ من الفريقين جهده، وثبتت كلّ طائفة للأخرى، فكانت بينهما حروب شديدة انهزم فيها ميمنة الملك الظاهر وميسرته، وتبعهم منطاش بمن معه، وثبت الملك الظاهر في القلب، وقد انقطع عنه خبر أصحابه، وأيقن بالهلاك، وبينما هو في ذلك لاح له طلائع السلطان الملك المنصور، وقد انكشف الغبار عنه، فحمل الملك الظاهر بمن بقى معه على الملك المنصور، فأخذه وأخذ الخليفة المتوكل على الله والقضاة والخزائن، ومالت