اليوسفىّ اليلبغاوىّ، على أنه يجلس تحت الأمير الكبير كمشبغا الحموىّ نائب حلب كان، فلو جلس الأمير أيتمش الآن فى الميمنة لجلس ثالثا، فإنّه لا يمكنه الجلوس، فوقف إينال كونه متولّيا أتابك العساكر وأيتمش الآن منفصل، فرسم له السلطان أن يجلس فى الميسرة ولم يجسر أن يأمره بالجلوس فوقه لكبر سنّه وقدمته، فجلس تحته.
قلت: وهذا شأن الدنيا، الرفع والخفض، ثم أحضر السلطان الأمراء القادمين صحبة الأمير الكبير أيتمش وعدّتهم ستة وثلاثون أميرا ومعهم أيضا قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن عمر القرشىّ الشافعىّ قاضى قضاة دمشق والقاضى فتح الدين محمد بن محمد بن أبى بكر بن إبراهيم بن الشهيد كاتب سرّ دمشق وابن شكر ناظر جيش دمشق والجميع فى القيود، فونّج السلطان ألطنبغا الحلبىّ وجنتمر نائب الشام وابن القرشىّ وأطال الحديث معهم وكانوا قابلوه فى محاربته لدمشق بأشياء قبيحة إلى الغاية وأفحشوا فى أمره إفحاشا زائدا، بحيث إنّ القاضى شهاب الدين القرشىّ المذكور كان يقف على سور دمشق وينادى: إن قتال برقوق أوجب من صلاة الجمعة وكان يجمع عوامّ دمشق ويحرّضهم على قتاله ويرمى الملك الظاهر بعظائم فى دينه ويختلق عليه ما ليس هو فيه.
ثم أمر بهم الملك الظاهر فسجنوا وأسلم ابن شكر لشادّ الدواوين، فعصره والزمه بحمل ستة «١» آلاف دينار ثم أفرج عنه. ولما نزل الأمير أيتمش إلى داره بعث إليه السلطان بأشياء كثيرة من الخيل والجمال والقماش والمماليك، ثم قبض السلطان على أسندمر وإسماعيل التّركمانىّ وكزل القرمىّ وآقبغا البجاسىّ وسربغا وسلّمهم إلى والى القاهرة.