لا يعاد، ونحن من اليوم تعارفنا، فضجّ الناس بالدعاء للسلطان وخرجوا من بيوتهم إلى معايشهم وحوانيتهم وأمنوا بعد أن كانوا فى وجل وخوف وهم مترقّبون ما يحلّ بهم منه، لما وقع منهم فى حقّه فى السنة الماضية لمّا حضر منطاش ومبالغتهم فى سبّه ولعنه واستمرارهم على قتاله.
وأمّا الأمير كمشبغا نائب الغيبة فإنه عمل النيابة على أعظم حرمة، حتى إنّه نادى فى تاسع عشرين شهر رمضان بمنع النساء فى يوم العيد إلى التّرب، ومن خرجت وسّطت هى والمكارى وألّا يركب أحد فى مركب للتفرّج وأشياء كثيرة من هذا النّموذج، فلم يجسر أحد على مخالفته.
ثم نادى ألّا تلبس امرأة قميصا واسع الأكمام ولا يزيد تفصيل القميص على أكثر من أربعة عشر ذراعا، وكان النساء بالغن فى سعة القمصان حتى كان يفصّل القميص الواحد من اثنين وسبعين ذراعا من القماش، فمشى ذلك وفصّلوا قمصانا سمّوها كمشبغاويّة. ورأيت أنا القمصان الكمشبغاويّة المذكورة، وكان أكمامها مثل أكمام قمصان العربان.
وأمّا السلطان الملك الظاهر برقوق فإنّه أقام بدمشق إلى ثانى شوّال وخرج منه يريد مدينة حلب، فسار بعساكره حتى وصلها فى ثانى عشرين شوّال، بعد أن أقام بمدينة حمص وحماة أيّاما كثيرة وأعاد السلطان القاضى بدر الدين محمد بن فضل الله إلى كتابة السّرّ لضعف القاضى علاء الدين الكركىّ وعندما دخل السلطان إلى حلب ورد عليه الخبر أن سالما الدّوكارىّ قبض على الأمير منطاش وأنّ صاحب ماردين «١»