وعند فراغ ذلك مضى القضاة والأعيان وبقى السلطان فى خواصّه وعنده فقراء الزوايا والصوفية، فعند ذلك أقيم السّماع من بعد ثلث الليل إلى قريب الفجر وهو جالس عندهم ويده تملأ من الذهب، وتفرّغ لمن له رزق فيه والخازندار يأتيه بكيس بعد كيس، حتى قيل: إنّه فرّق فى الفقراء ومشايخ الزوايا والصوفية فى تلك الليلة أكثر من أربعة آلاف دينار.
هذا، والسّماط من الحلوى والفاكهة يتداول مدّة بين يديه، فتأكله المماليك والفقراء وتكرّر ذلك أكثر من عشرين مرّة.
ثم أصبح السلطان ففرّق فى مشايخ الزوايا القمح من الأهراء «١» لكل واحد بحسب حاله وقدر فقرائه، كلّ ذلك خارج عمّا كان لهم من الرواتب عليه فى كلّ سنة حسب ما يأتى ذكر ذلك فى آخر ترجمة الملك الظاهر بعد وفاته.
ثم فى خامس عشر شهر ربيع الأوّل المذكور قدم الوالد إلى القاهرة معزولا عن نيابة حلب.
فنزل السلطان الملك الظاهر إلى لقائه، قال الشيخ تقىّ الدين المقريزىّ- رحمه الله-: «وفى خامس عشر شهر ربيع الأوّل قدم الأمير تغرى بردى اليشبغاوى من حلب بتجمّل زائد عظيم إلى الغاية، فخرج السلطان وتلقّاه بالمطعم «٢» من الريدانية «٣» خارج القاهرة، وسار معه من غير خلعة، فلمّا قارب القلعة أمره