ثم لبست المماليك السلطانية السلاح، وأتى السلطان من كان غائبا عنه من الأمراء والخاصكيّة وتحلّقوه.
فعندما طلع يلبغا الأحمدىّ المجنون الأستادار إلى السلطان وثب عليه الخاصكيّة، واتّهموه بموافقة علىّ باى لكونه جاء هو ومماليكه فى أسرع وقت بآلة الحرب، فأخذه اللّكم من الخاصكيّة من كل جهة، ونزعوا ما عليه من السلاح، وألقوه إلى الأرض ليذبحوه، لولا أن السلطان منعهم من ذلك، فلمّا كفّوا عن ذبحه سجنوه «١» بالزّردخاناه السلطانية مقيّدا.
ثم قبض على نكباى شادّ شرابخاناه علىّ باى، وقطّع قطعا بالسيوف، فإنّه أصل هذه الفتنة.
وسبب ركوب علىّ باى على السلطان وخبره أن نكباى هذا كان تعرّض لجارية من جوارى الأمير آقباى الطّرنطائى، وصار بينهما مشاكلة، فبلغ ذلك آقباى، فمسك نكباى المذكور وضربه ضربا مبرّحا ثم أطلقه، فحنق علىّ باى من ذلك، وشكا آقباى للسلطان، فلم يلتفت السلطان إليه، وأعرض عنه، وكان فى زعمه أن السلطان يغضب على أقباى بسبب مملوكه، فغضب علىّ باى من ذلك، ودبّر هذه الحبلة الباردة، فكان فى تدبيره تدميره.
وبات السلطان تلك الليلة بالإسطبل السلطانى، ونهبت العامّة بيت علىّ باى حتى إنهم لم يبقوا به شيئا.
وأما علىّ باى فإنه لما رأى أمره تلاشى ذهب واختفى فى مستوقد حمّام فقبض عليه وحمل إلى السلطان، فقيّده وسجنه بقاعة «٢» الفضّة من القلعة.