فمات فيه ببغداد. وعن مغيث بن بديل قال: دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع؛ فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال: لا أصلح؛ قال: كذبت؛ قال أبو حنيفة:
فقد حكم أمير المؤمنين على أني لا أصلح، فإن كنت كاذباً فلا أصلح، وإن كنت صادقاً فقد أخبرتكم أني لا أصلح، فحبسه؛ ووقع لأبي حنيفة بسبب القضاء أمور مع المنصور وهو على امتناعه إلى أن مات. وقال أحمد بن الصباح: سمعت الشافعي يقول: قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم، رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته. وقال حبان «١» بن موسى: سئل ابن المبارك: أمالك أفقه أم أبو حنيفة؟ قال: أبو حنيفة. وقال الخريبي «٢» : ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد أو جاهل. وقال يحيى القطان: لا نكذب الله، ما سمعنا بأحسن من أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله. وقال علي بن عاصم: لو وزن علم أبي حنيفة بعلم أهل زمانه لرجح عليهم. وقال حفص بن غياث: كلام أبي حنيفة في الفقه أرق من الشعر لا يعيبه إلا جاهل. وقال الحميدي: سمعت ابن عيينة يقول:
شيئان ما ظننتهما يجاوزان قنطرة الكوفة: قراءة حمزة وفقه أبي حنيفة، وقد بلغا الآفاق. وعن الأعمش أنه سئل عن مسألة فقال: إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت، وأظنه بورك له في علمه. وقال جرير: قال لي مغيرة: جالس أبا حنيفة تتفقه، فإن إبراهيم النخعي لو كان حياً لجالسه. وقال محمد بن شجاع سمعت علي بن عاصم يقول: لو وزن عقل أبي حنيفة بعقل نصف الناس لرجح بهم.