السلطانىّ، كلّ ذلك وبرقوق لم يتأمّر إلّا من نحو شهر واحد، ثم وقع له أمور وحبس ونفى إلى البلاد الشامية على إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق حتى ولى نيابة حلب عن المنصور علىّ، ثم عن أخيه، ثم عن الملك الظاهر برقوق، ثم أطلقه وولّاه نيابة حلب ثانيا، فعصى بعد مدّة ووافق منطاش، وقهر الظاهر برقوقا وخلعه من السلطنة وحبسه بالكرك ورشّح إلى سلطنة مصر، فامتنع غاية الامتناع وسلطن الملك الصالح حاجيّا ثانيا ولقبّه بالمنصور، وصار هو مدبّر مملكته، وحكم مصر إلى أن خرج عليه منطاش وكسره وقبض عليه وحبسه بسجن الإسكندرية «١» ، إلى أن أفرج عنه الملك الظاهر برقوق لما خرج من حببس الكرك وكسر منطاش وتسلطن ثانيا، فأخرجه ولم يؤاخذه، وندبه لقتال منطاش ثم ولّاه نيابة الشام بعد قتل الجوبانى ثم قبض عليه فى هذه السنة، وقتله بقلعة حلب ليلته هو وكشلى أمير آخوره والأمير محمد بن المهمندار نائب حماة، وقد تقدّم ذلك كله مفصلا فى ترجمة الملك الظاهر برقوق الأولى والثانية، وترجمة المنصور حاجّى، فإنه كان فى الحقيقة هو السلطان، وحاجى له الاسم لا غير، فيكتفى بما وقع من ذكره هناك، ولا حاجة للإعادة هنا.
وكان يلبغا الناصرىّ من أجلّ الملوك عفّة وصيانة، ولى مصر وخلع الملك الظّاهر، وولى الملك المنصور، ولم يقتل أحدا صبرا «٢» غير واحد يسمّى سودون من مماليك الظاهر، ويكفيه من عفته عن سفك الدماء عدم قتله للملك الظاهر برقوق بعد أن أشار عليه جميع أصحابه بقتله وكان مذهبى فيه أنّ الملك الظاهر برقوقا لا يقتله