وأمّا أهل القلعة فإن الأمير يشبك الشعبانىّ الخازندار لمّا سمع بذلك ركب إلى القلعة هو وبيبرس الدّوادار وطلعا إلى السلطان، وقد اجتمع غالب الأمراء والخاصكيّة من الظاهرية عند السلطان، وطلب يشبك فى الحال مماليك الأطباق، وأمرهم يلبس السلاح ولبس هو وجميع الأمراء، وحرّضهم على قتال أيتمش ورفقته، وخوّفهم عاقبة الأمر، وقال لهم: هؤلاء وإن كانوا خشداشيتّنا، فقد صاروا الآن أجانب، وتركوا خبز الملك الظاهر برقوق، وخرجوا على ولده، وأرادوا يسلطتون أيتمش ونحن نقاتل مع ابن أستاذنا حتى نموت، فأجابه جميع المماليك الجلبان وظنوا أن مقالته حقيقية، وفى الحال دقّت الكوسات الحربية بالقلعة ولبس سائر الأمراء الذين بالقلعة، وهم: بيبرس الدوادار ابن أخت الملك الظاهر برقوق، ويشبك الشعبانى الخازندار المقدّم ذكره، وسودون الماردانى رأس نوبة النّوب، وسودون من على بك طاز، وإينال باى بن قجماس، ويلبغا الناصرى. وبكتمر الرّكنى ودقماق المحمدى المعزول عن نيابة ملطية، وشيخ المحمودى (أعنى المؤيّد) وآقبغا الطرنطائى والجميع ألوف، وجماعة أخر من الطبلخانات والعشرات، وأما المماليك السلطانية فمعظمهم، ونزل السلطان الملك الناصر فرج من القصر إلى الإسطبل السلطانى، ووقع القتال بين الطائفتين من وقت عشاء الأخيرة إلى باكر النهار ومعظم قتال أهل القلعة مع الذين كانوا برأس سويقة منعم، وتصادموا غير مرّة، وبينما القتال يشتدّ أمر الأتابك أيتمش البجاسى فنودى من قبض على مملوك جركسىّ وأحضره إلى الأمير الكبير أيتمش فله كيت وكيت، فلمّا سمعت الجراكسة الذين كانوا من حزب أيتمش ذلك حنقوا منه وتوجّه أكثرهم إلى السلطان، مع أن أيتمش كان من أعظم الجراكسة؛ غير أن زوال النعم شئ آخر، فعند ذلك كثر جمع السلطانية وقوى أمرهم، وحملوا على الوالد، وبمن معه وهو برأس سويقة