للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا بلغ المماليك السلطانية سفر السلطان إلى الشام امتنعوا وهدّدوا الامراء وأكثروا لهم من الوعيد، فخاف سودون طاز وتأخّر عن الخدمة السلطانية، ثم اتفقت المماليك المذكورة، وتوجّهوا إلى الأمير يشبك وهو متوعّك وحدّثوه فى أمر السفر، فاعتذر لهم بما هو فيه من الضعف، ثم وقع الخلف بين الأمير سودون قريب الملك الظاهر المعروف بسيّدى سودون وبين الأمير سودون طاز، وتسابا بسبب سكنى الإسطبل السلطانى بالحرّاقة، وعلى وظيفة الأمير أخورية وكادا يقتتلان، لولا فرق بينهما الأمير نوروز الحافظى.

ثم وقع أيضا بين الأمير سودون طاز المذكور وبين الأمير جركس القاسمى المصارع تنافس، وتقابضا بالأطواق، ولم يبق إلّا أن تثور الفتنة، حتى فرّق الأمراء بينهما، وصارت المملكة بأيدى هؤلاء الأمراء، وكلّ من أراد شيئا فعله، فصار الرجل يلى الوظيفة من سعى فلان، وينزل إلى داره فيعزل فى الحال بأمر غيره، وكلّ أحد يتعصّب لواحد، وكل منهم يروم الرتب العلية.

هذا ومثل تنم وأيتمش ورفقتهما فى طلبهم وفى القصد إلى الديار المصرية، ثم أخذ نوروز يسكّنهم عن إثارة الفتنة، ويخوّفهم عاقبة تنم، حتى عملوا مشورة بين يدى السلطان بسبب قتال تنم وغيره، فحضر جميع الأمراء ورتّبوا أمورا: منها إقامة نائب بالديار المصرية، وعيّنوا عدّة تشاريف.

فلمّا كان يوم الخميس ثانى عشر شهر ربيع الآخر خلع السلطان على الأمير سودون طاز باستقراره أمير أخورا كبيرا، عوضا عن سودون الطّيار، لتأخّره بدمشق عند تنم، وخلع على الأمير مبارك شاه باستقراره حاجبا ثالثا بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، وهذا بخلاف العادة.