وأمّا أمراء الديار المصرية فإنه لما سافر السلطان إلى جهة تنم بعساكره فى ثامن الشهر، قدم الخبر فى صبيحته على الأمير بيبرس وهو يوم السبت من البحيرة، بأن الأمير سودون المأمورىّ الحاجب أخذ الأمراء من ثغردمياط، وسار بهم نحو الإسكندرية، فلمّا وصل بهم إلى ديروط «١» لقيه الشيخ المعتقد عبد الرحمن ابن نفيس الدّيروطىّ وأضافه، فعندما قعد الأمير سودون المأمورىّ هو والأمراء للأكل قام يلبغا المجنون ووثب هو ورفقته من الأمراء على سودون المأمورىّ، وقبضوا عليه وعلى مماليكه وقيّدوهم بقيودهم، وبينما هم فى ذلك قدمت حرّاقة من القاهرة فيها الأمير كمشبغا المحضرى وإياس الكمشبغاوى وجقمق البجمقدار، وأمير آخر، والأربعة فى القيود، فدخلت الحرّاقة بهم إلى شاطئ ديروط ليقضوا حاجة لهم، فأحاط بهم يلبغا المجنون، وخلّص منهم الأربعة المقيّدين، وأخذهم إلى أصحابه.
ثم كتب يلبغا إلى نائب البحيرة بالحضور إليه، وأخذ خيول الطواحين، وركب هو ورفقته من الأمراء وسار بهم إلى مدينة دمنهور وطرقها بغتة، وقبض على متولّيها، وأتته العربان من كل فجّ حتى صار فى عدد كبير.
ثم نادى بإقليم البحيرة بحطّ الخراج عن أهلها عدّة سنين، وأخذ مال السلطان الذي استخرج من تروجة «٢» وغيرها، وبعث يستدعى بالمال من النواحى، فراعاه الناس، فإنه كان ولى وظيفة الأستادارية سنين كثيرة، فكتب بيبرس بذلك يعرّف السلطان والأمراء، فوردت كتبهم إلى نائب الإسكندرية بالاحتراز على مدينة