وتحدّثوا معه فى عدم سفرهم، فاعتذر إليهم، وبعثهم لسودون الماردانى رأس نوبة النوب «١» فحدّثوه فى ذلك، وما زالوا به حتى ركب للأمير يشبك الشعبانى الدوادار وحدّثه فى ألّا يسافروا، فأغلظ يشبك فى ردّ الجواب عليه، وهدّدهم بالتوسيط «٢» إن امتنعوا من «٣» السفر.
ثم أمره أن يطلع إلى السلطان ويسأله فى [ذلك فطلع «٤» سودون الماردانىّ إلى السلطان] ، وسأله فى إعفائهم من السفر، وأعلمه أنه قد اتفق منهم نحو الألف تحت القلعة، وهم مجتمعون، فبعث السلطان إليهم بعض الخاصكيّة يقول لهم: نحن ما خلّيناكم بلا رزق بل عملناكم أمراء، فما هو إلّا أن نزل إليهم وكلّمهم فى ذلك «٥» ، ثاروا عليه وسبّوه ثم ضربوه حتى كاد يهلك، فبينما هم فى ضربه، وإذا بالأمير قطلوبغا الحسنى الكركى والأمير آقباى الكركى الخازندار نزلا من القلعة، فمال عليهم المماليك يضربونهم بالدّبابيس إلى أن سقط قطلوبغا الكركى، وتكاثر عليه مماليكه وحملوه إلى بيته، ونجا آقباى الكركى الخازندار والتجأ إلى بيت الأمير يشبك الدوادار، وماجت البلد وغلّقت الأسواق، فنودى بعد العصر من اليوم المذكور بطلوع الأمراء والمماليك السلطانيّة فى الغد إلى القلعة، ومن لم يطلع حلّ ماله ودمه للسلطان.
ثم طلع الأمير يشبك، ونوروز الحافظى، وآقباى الكركى الخازندار، وقطلوبغا الكركى إلى القلعة بعد عشاء الآخرة، وباتوا بالقلعة إلّا نوروزا فإنّه أقام معهم ساعة عند السلطان.