ثم نزل الطلب إلى الأمير سودون طاز الأمير آخور «١» الكبير من السلطان ليطلع إلى عند الأمراء، وفى عزمهم أنه إذا طلع قبضوا عليه، فمّ لسودون طاز بعض الخاصكية يسمّى قانى باى، وقال له: فز بنفسك؛ فلم يكذّب سودون طاز الخبر، وأخذ الخيول السلطانية التى بالإسطبل السلطانى، وركب بمماليكه، وسار حتى لحق بالأمير جكم ببركة الحبش، وبلغ السلطان ذلك، فارتجّ القصر السلطانىّ، وقام كلّ أمير ونزل إلى داره ولبس آلة الحرب بمماليكه، ودقّت الكوسات وطلعوا إلى القلعة.
فلما أصبح نهار الأربعاء نزل السلطان من القصر إلى الإسطبل، وبعث إلى الأمير جكم من عوض بأن يتوجّه إلى صفد نائبا بها، فزدّ جكم الجواب «٢»«نحن مماليك السلطان، وهو أستاذنا وابن أستاذنا، ولو أراد قتلنا ما خالفناه، غير أننا لنا غرماء يدعنا نحن وإيّاهم، ثم بعد ذلك مهما أراد السلطان يفعل فينا، فنحن بين يديه» . فلمّا عاد الرسول بذلك بكى الأمير يشبك الدوادار، وتكلم هو والأمير آقباى الكركى الخازندار وقطلوبغا الكركى مع السلطان، ودار بينهم كلام «٣» كثير، حتى بعث السلطان بالأمير نوروز الحافظى والقاضى الشافعى «٤» وناصر الدين المعلّم الرمّاح أمير آخور إلى الأمير جكم فى طلب الصلح، فنزلوا إليه وكلّموه فى ذلك، فامتنع جكم من الصلح هو ومن معه وقالوا: لابدّ لنا من غرمائنا، وأخذوا عندهم الأمير نوروز الحافظى، وعاد القاضى «٥» الشافعى وناصر الدين الرمّاح بالجواب، فعند ذلك قال السلطان ليشبك: دونك وغرماءك؛ فطلب يشبك المساعدة من السلطان عليهم، فلم يفعل، فنزل يشبك إلى داره وقد اختلّ أمره.