كانت ليلة الخميس المذكورة، فاتفق الأمير يشبك مع أصحابه، وركب نصف الليل، وخرج بمن معه من الأمراء من الرميلة على حميّة، ومرّوا من تحت الطبلخاناه إلى جهة الشام، فلم يتبعهم أحد من السلطانيّة، ونودى بالقاهرة فى آخر الليلة المذكورة بالأمان، ومنع أهل الفساد والزّعر من النّهب، ومرّ يشبك بمن معه من الأمراء والمماليك إلى قطيا، فتلقّاه مشايخ عربان العائذ «١» بالتقادم، وسار إلى العريش وقد بلغ خبره إلى غزّة، فتلقّاه نائب غزّة الأمير خير بك بعساكر غزّة، فدخلها يوم الأربعاء ثالث عشر صفر «٢» ونزل بها.
ثم بعث الأمير طولو إلى الأمير شيخ المحمودى نائب الشام يعلمه الخبر، وسار طولو يريد دمشق حتى قدم دمشق يوم الأحد ثامن عشره، فخرج الأمير شيخ إليه، وتلقّاه وأعلمه طولو الخبر، فشقّ ذلك عليه، ووعده بالقيام بنصرته ليشبك «٣» .
وكان فى ثامن عشر الشهر الخارج «٤» قدم الأمير دقماق المحمّدى دمشق فأكرمه الأمير شيخ.
وخبر دقماق وسبب قدومه إلى دمشق، أنه لمّا فرّ من حلب، وجمع التركمان وأخذ حلب، وقدم الأمير دمرداش المحمّدى نائب طرابلس عليه وقد ولى نيابة حلب بعد أن أطلق دمرداش وسودون طاز وجكم، وسار بهما من طرابلس إلى حلب لقتال التركمان، وواقع التركمان بعد أن قتل سودون طاز، فانكسر دمرداش، وملك جكم حلب منه بعد أمور صدرت يطول شرحها، فكتب السلطان إلى دقماق يخيّره فى أىّ بلد يقيم؟ فاختار الشام، فقدمها.