بمصر «١» ، فاجتمع عليه خلائق، وسار معه مائة جمل تحمل مكاحل ومدافع وآلات الحصار، وولى الأمير ألطنبغا العثمانى نيابة صفد كما كان أولا، وسار شيخ بمن معه من العساكر حتى وافى مدينة صفد، فأرسل شيخ بالأمير علّان إلى بكتمر جلّق يكلّمه فى تسليم مدينة صفد، فلم يذعن إليه بكتمر وأبى إلا قتاله، وقال: ماله عندى إلا السيف؛ فحينئذ ركب شيخ ويشبك بمن معهما وأحاطا بقلعة صفد «٢» ، وحصراها من جميع جهاتها، وقد حصنها بكتمر وشحنها بالرجال، وقام يقاتل شيخا أتم «٣» قتال فاستمر الحرب بينهم أياما كثيرة خرح فيها من أصحاب شيخ نحو ثلاثمائة رجل، وقتل أزيد من خمسين نفسا.
وبينما هم فى قتال صفد إذ ورد عليهم الخبر بقدوم جكم إلى دمشق، ففرحوا بذلك، ولم يمكنهم العود إلى دمشق إلا عن فيصل من أمر صفد.
وكان خروج جكم من حلب فى حادى عشر شهر رمضان، وسار حتى قدم دمشق، وقد حضر إليه شاهين دوادار الأمير شيخ يستدعيه، فإن شيخا كان أرسله إليه قبل خروجه إلى صفد بعد عود سودون الحمزاوى وسودون الظريف من طرابلس، وقبل خروج جكم من حلب سلّم قلعتها إلى الأمير شرف الدين موسى ابن يلدق، وعمل حجّابا وأرباب وظائف، وعزم على أنه يتسلطن ويتلقب بالملك العادل.