وأما عساكرهم فغالبهم أثخنته الجراح، فعندما أقاموا بدمشق قدم عليهم الأمير جكم من طرابلس بعد أن أرسلوا يستحثونه على سرعة المجىء إليهم غير مرة فخرجوا لتلقّيه وسلّموا عليه، وعادوا به إلى دمشق وهما فى غاية الحنق من جكم، وهو أنه لما وافاهما جكم ترجّل إليه الأمير يشبك عن فرسه إلى الأرض، وسلّم عليه فلم يعبأ به جكم، ولا التفت إليه، لأنه كان غريمه فيما تقدّم ذكره، فشق ذلك على الأمير شيخ، ولام يشبك على ترجّله.
ثم عتب شيخ جكم على ما وقع منه فى عدم إنصاف يشبك، ونزل «١» جكم بالميدان وجلس فى صدر المجلس، وجلس يشبك عن يمينه، وشيخ عن يساره، فكاد شيخ ويشبك أن يهلكا فى الباطن، ولم يسعهما إلا الإذعان لتمام أمرهما.
ثم أمرهم جكم ألّا يفعلوا شيئا إلا بمشاورته، فاتفقوا على منع الدعاء للسطان الملك الناصر فرج بمنابر دمشق، فوقع ذلك للخطباء، وذكروا «٢» اسم الخليفة فى الخطبة فقط.
وكان الأمير شيخ قبل قدوم جكم إلى دمشق أفرج عن السلطان أحمد بن أويس صاحب بغداد من سجن دمشق، وأنعم عليه بمائة ألف درهم فضة وثلاثمائة فرس.
وأنعم أيضا على قرا يوسف بمائة ألف وثلاثمائة «٣» فرس، وأخرج عدة كبيرة من أمراء مصر إلى جهة غزة [بعد أن حمل إلى كل منهم مائة ألف درهم فضة «٤» ] وهم: الأمير تمراز الناصرىّ، وابنه الأمير سودون بقجة «٥» ، وسودون الحمزاوى،