وكان فى هذه السّنة- أعنى سنة ثمان [وثمانمائة]«١» - الطاعون العظيم بصعيد مصر، حتى شمل الخراب غالب بلاد الصعيد، ثمّ بلغ السّلطان أنّ جكم من عوض نائب حلب قد عظم أمره، وأنه قد بدا منه أمور تدلّ على المخالفة، فكتب السّلطان بعزله عن نيابة حلب وطرابلس، وولاية الأمير دمرداش نيابة حلب عوضه، وتولية الأمير علّان اليحياوىّ [جلّق]«٢» ، نيابة طرابلس عوضه، وتولية الأمير عمر الهيدبانىّ نيابة حماة، وتوجّه بتقاليدهم ألطنبغا شقل مملوك الأمير شيخ المحمودىّ نائب الشام، ولم يرسل السلطان إليهم أحدا من أمراء مصر لضعف حالهم وعدم موجودهم، وقبل أن يصل إليهم الخبر بذلك اقتتل الأمير شيخ مع الأمير جكم بأرض الرّستن «٣» - فيما بين حماة وحمص- فى خامس من ذى الحجة قتالا عظيما، قتل فيه الأمير علّان اليحياوىّ جلّق، والأمير طولو من علىّ باشاه نائب صفد، وجماعة كبيرة فى الواقعة، وأما علّان وطولو فإنه قبض عليهما فقدّما بين يدى الأمير جكم؛ فأمر بضرب رقابهما، فضربت أعناقهما بين يديه، وضرب عنق طواشى كان فى خدمة الأمير شيخ معهما.
قلت: وهذا ثالث أمير قتله الأمير جكم من أعيان الملوك من خشداشيّته فى هذه السنة- أعنى: دقماق المحمّدىّ نائب حلب، وعلّان هذا نائب حلب أيضا، وطولو نائب صفد- انتهى. وانهزم الأمير شيخ المحمودىّ نائب الشام ومعه الأمير دمرداش نائب حلب إلى دمشق، فلم يقدر شيخ على الإقامة بدمشق خوفا من نوروز الحافظىّ، وخرج من دمشق ومضى إلى الرّملة «٤» يريد القدوم إلى القاهرة، ودخل نوروز إلى دمشق، وملك المدينة من جهة جكم بعساكره فى يوم الاثنين سابع عشرين