يعقوب صاحب أبي حنيفة. وفيها أمر الخليفة محمد المهدي بإقامة البريد من اليمن «١» إلى مكة ومن مكة إلى بغداد، ولم يكن البريد قبل ذلك بقطر من الأقطار. وفيها توفي عاصم بن عبد الحميد الفهري شيخ ابن وهب، كان إماماً فاضلاً رحمه الله. وفيها عزل المهدي عن قضاء البصرة عبيد الله بن الحسن وولاها خالد بن طليق بن عمران ابن حصين. وفيها غضب الخليفة المهدي على وزيره يعقوب بن داود بن طهمان وكان خصيصاً بن فحسده موالي المهدي وسعوا به حتى قبض عليه، وكان الوزير يعقوب كثير الأنهماك في اللذات، وكان المهدي لا يحب النبيذ لكن يتفرج على غلمانه وهم يشربون، فلما عظم أمر الوزير يعقوب وصار الحل والعقد بيده مع انهماكه، قال في ذلك بشار بن برد:
بني أمية هبوا طال نومكم ... إن الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فاطلبوا «٢» ... خليفة الله بين الدف والعود
وفيها اضطربت خراسان على المسيب بن زهير فصرفه المهدىّ عن إمرتها بالفضل ابن سليمان الطوسي وأضاف إليه سجستان. وفيها قدم وضاح الشروي بعبد الله «٣» ابن الوزير أبي عبيد الله يعقوب المقدم ذكره، وكان رمي بالزندقة فقتله المهدي بحضرة أبيه، وأباد المهدي الزنادقة في هذه السنة وقتل منهم خلائق.