فى يوم الأربعاء خامس عشرين شهر رمضان فجاءة، وقد ولى القضاء غير مرّة، ومولده فى يوم الأربعاء أوّل شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، بمدينة تونس، وكان إماما عالما بارعا فى فنون من العلوم، وله نظم ونثر، وقد استوعبنا ترجمته فى «المنهل الصّافى» ، وذكرنا قدومه إلى القاهرة، ومشايخه وغير ذلك، ومن شعره من قصيدة [الكامل] .
أسرفن فى هجرى وتعذيبى ... وأطلن «١» موقف عبرتى ونحيبى
وأبين يوم البين وقفة ساعة ... لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
وتوفّى القاضى الأمير سعد الدين إبراهيم بن عبد الرزّاق بن غراب «٢» فى ليلة الخميس تاسع عشر شهر رمضان- ولم يبلغ من العمر ثلاثين سنة- بعد مرض طويل، وكان ولى نظر الخاصّ فى دولة الملك الظاهر برقوق، ثمّ الوزر، ونظر الجيش، وكتابة السّر، والاستاداريّة فى دولة الملك النّاصر فرج الأولى.
ثمّ صار فى سلطنته الثّانية أمير مائة ومقدّم ألف بالدّيار المصريّة، وأمير مجلس، ولبس الكلفتاة وتقلد بالسيف، وحضر الخدمة السّلطانيّة مرّة واحدة، ونزل إلى داره فلزم الفراش إلى أن مات، وكان له مكارم وأفضال وهمّة عالية، لم يسمع بمثلها فى عصره، مع عدم ظلمه بالنّسبة إلى غيره من أبناء جنسه.
وأمّا سفك الدّماء فلم يدخل فيه البتّة، وقد اقتدى جمال الدين يوسف البيرىّ طريقه فى المكارم والتّحشّم، غير أنّه أمعن فى سفك الدّماء حتى تجاوز الحدّ