كلّ ذلك وشيخ ونوروز قلوبهما متنافرة بعضها من بعض، والناس يترقّبون وقوع فتنة بينهما، إلى أن خدع شيخ نوروزا بأن قال له: أنا قصدى أن أكون بدمشق، ويضاف إلىّ من العريش إلى الفرات، وأنت تتوجّه مع الخليفة أتابكا بالديار المصرية ومعك الأمير بكتمر جلّق وغيره من الأمراء.
ولم يكن لقوله حقيقة، غير أنّه قصد بذلك حيلة على نوروز، فيقول نوروز أنت تتوجّه إلى مصر، وأنا أكون نائب الشّام، وكان ذلك على ما سنذكره.
فاستشار نوروز أصحابه فى ذلك فقالوا له بأجمعهم: الرأى والمصلحة توجّهك إلى الديار المصرية ولو كنت من جملة مقدّمى الألوف بها، لا سيّما تكون أتابك العساكر ومالك زمام مصر، فقال لهم: إن أقام شيخ بالبلاد الشّامية- مع سعة تحكّمه فى البلاد- يصير له شوكة عظيمة ويتعبنى فيما بعد، ولو كان فى مصر خير ما تركها هو وأراد نيابة الشام، والمصلحة توجّهه إلى مصر وأكون أنا حاكم البلاد الشامية من العريش إلى الفرات، فراجعوه فى ذلك فأبى إلّا ما أراد.
وأصبح لمّا حضر الخدمة بين يدى الخليفة على العادة فى يوم الاثنين خامس عشرين صفر من سنة خمس عشرة وثمانمائة فاتحه الأمير شيخ فى ذلك، فبادره الأمير نوروز: أنت تتوجّه إلى مصر، وأنا أكون نائبا بدمشق.
فخلع عليه أمير المؤمنين فى الحال باستقراره فى نيابة الشام كلّه، وأن يولّى بجميع البلاد من شاء من أصحابه.
وانفضّ الموكب وقد نال الأمير شيخ غرضه، وانفرد بتدبير المملكة وحده من غير شريك، وكان ظنّ الأمير نوروز أنّ شيخا لا يستقيم له أمر مع