فتوجّه المعلّم بالرّمّاحة هناك فى يوم المحمل، وساقوا بين يديه كما يسوقون فى بركة الحبش «١» أيّام أزمانهم وبالرّميلة «٢» فى يوم المحمل، وتفرّجت الناس على المحمل فى بولاق، ولم يقع مثل ذلك فى سالف الأعصار، فصار الشخص يجلس بطاقته فيتفرّج على المحمل وعلى البحر معا، فلمّا كان قريب الوفاء ركب فى الحرّاقة الذهبيّة والحراريق بين يديه بعد أن أقاموا بالزّينة أيّاما والناس تتفرّج عليهم، وسار حتى نزل بالخرّوبيّة فأرست الحراريق المزينّة على ساحل مصر بدار النّحاس «٣» ، كما هى عادتها فى السنين الماضية إلى أن كان يوم الوفاء وهو يوم سادس عشر رجب ركب السلطان من الخرّوبيّة فى الحرّاقة، وسار إلى المقياس ومعه الأمراء وأرباب الدّولة حتى خلّق المقياس على العادة.
ثم سار فى خليج السّدّ حتى فتحه، وركب فرسه فى عساكره وعاد إلى القلعة، فكانت غيبته عن القلعة فى نزهته ثلاثين يوما بعد ما انقضى للناس بساحل بولاق فى تلك الأيّام من الاجتماعات والفرج أوقات طيّبة إلى الغاية لم يسمع بمثلها، ولم يكن فيها- بحمد الله- شىء مما ينكر كالخمور وغيرها، وذلك لإعراض السلطان عنها من منذ لازمه وجع رجله.
ثم قدم الخبر على السّلطان بوصول ولده المقام الصارمى بعساكره إلى حلب فى ثالث شهر رجب، وأن الأمير تنبك العلائى ميق نائب الشام واقع مصطفى وأباه محمد ابن قرمان وإبراهيم بن رمضان على أدنة فانهزموا منه أقبح هزيمة.
ثم فى عشرين شعبان تزايد ألم السلطان ولم يحمل إلى القصر السلطانى، ولزم