الخبر أيضا بمسير ابن السلطان من حلب وقدومه إلى دمشق فى خامس شهر رمضان، فأرسل السلطان الإقامات إلى ولده إلى أن كان يوم سابع عشرين شهر رمضان المذكور من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة فركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى لقاء ولده المقام الصّارمى «١» إبراهيم وقد وصل إلى قطيا، فسار السلطان إلى بركة الحاج، واصطاد بها، ثم ركب ومضى إلى جهة بلبيس فقدم عليه الخبر بنزول ابن السلطان الصالحيّة- فتقدّم الأمراء عند ذلك وأرباب الدّولة حتى وافوه بمنزلة الخطّارة «٢» ، فلما عاينته الأمراء ترجّلوا عن خيولهم وسلّموا عليه واحدا بعد واحد حتى قدم عليه القاضى ناصر الدين بن البارزىّ كاتب السّرّ نزل له المقام الصّارمىّ عن فرسه ولم ينزل لأحد قبله؛ لما يعلمه من تمكّنه وخصوصيته عند أبيه الملك المؤيّد، وركب الجميع فى خدمته وعادوا بين يديه إلى العكرشة «٣» والسلطان واقف بها على فرسه، فنزل الأمراء المسافرون وقبّلوا الأرض بين يدى السلطان، ثم قبّلوا يده واحدا بعد واحد إلى أن انتهى سلامهم نزل المقام الصارمى عن فرسه وقبّل الأرض، ثم قام ومشى حتى قبّل الرّكاب السّلطانى، فبكى السلطان من فرحه بسلامة ولده، وبكى الناس لبكائه، فكانت ساعة عظيمة.
ثم سارا بموكبيهما الشامى والمصرى إلى سرياقوس وباتا بها ليلة الخميس تاسع عشرين شهر رمضان المذكور، وتقدّمت الأثقال والأطلاب ودخلوا القاهرة، وركب السلطان آخر الليل ورمى الطّير بالبركة، فقدم عليه الخبر بكرة يوم الخميس بوصول الأمير تنبك ميق نائب الشام، وكان قد طلب، فوافى ضحى، وركب فى الموكب السلطانى، ودخل السلطان من باب النصر فشقّ القاهرة- وقد زينت لقدوم ولده- والأمراء عليها