للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدم معه إبراهيم بن صالح بن علي العباسىّ على الخراج؛ فدخلا مصر معا وسكن داود المعسكر على العادة وجعل على شرطته عمّار بن مسلم الطائي، ثم أخذ داود في إصلاح أمر مصر وأخرج الجند الذين كانوا ثاروا على عمر بن غيلان صاحب خراج مصر في أيام محمد بن زهير المعزول عن إمرة مصر إلى بلاد المغرب، وأخرج بعضهم أيضاً إلى بلاد المشرق وكانوا عدة كبيرة. ثم ورد عليه الأمر من الرشيد أن يأخذ المصريين ببيعة ابنه الأمير محمد بن زبيدة ففعل ذلك. وكان الرشيد عقد لابنه محمد المذكور بولاية العهد ولقبه بالأمين وأخذ له البيعة من الناس وعمره خمس سنين وكتب بذلك إلى الأقطار. وكان سبب البيعة للأمين أن خاله عيسى بن جعفر بن المنصور جاء إلى الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك وسأله في ذلك وقال له:

إنه ولدك وخلافته لك، وإن أختي زبيدة تسألك في ذلك، فوعده الفضل بذلك وسعى فيه عند الرشيد حتى بايع له الناس بولاية العهد وترك ولده المأمون وهو أسن من ولده محمد الأمين بشهر، ثم بعد ذلك عهد الرشيد للمأمون بولاية العهد بعد الأمين على ما سيأتي ذكره.

وأما جند مصر الذين أخرجوا من مصر فإنهم ساروا إلى المغرب في البحر فأسرهم الفرنج بعد حروب، وسكن الحال بديار مصر وأمن الناس، واستمر داود على إمرة مصر إلى أن صرفه الرشيد عنها بعيسى بن موسى بن عيسى العباسي المعزول عن إمرة مصر قديماً، وذلك لست خلون من المحرم سنة خمس وسبعين ومائة، فكانت ولايته على مصر سنة واحدة ونصف شهر.

وأما أمر الجند الذين أسرهم الفرنج فإن داود بن يزيد المذكور جهزهم نجدة إلى هشام بن عبد الرحمن الأموي فيما قيل، وسببه أن هشام بن عبد الرحمن صاحب الأندلس لما فرغ من حرب أخويه سليمان وعبد الله وأجلاهما عن الأندلس وخلا