للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسل المقوقس الى عمرو بن العاص رضي الله عنه: إني لم أزل حريصاً على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إلي بها، فأبى علي من حضرني من الروم والقبط، فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم وقد عرفوا نصحي لهم وحبي صلاحهم ورجعوا إلى قولي؛ فأعطنى أمانا أجتمع أنا وأنت في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك، فإن استقام الأمر بيننا تم [لنا «١» ] ذلك جميعا، وإن لم يتم رجعنا إلى ما كنا عليه.

فاستشار عمرو أصحابه في ذلك، فقالوا: لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتح الله علينا [وتصير «٢» الأرض كلها لنا فيئا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه] فقال: قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده، فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التي عهد إلي فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم.

فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط دينارين دينارين على كل نفس شريفهم ووضيعهم ممن بلغ منهم الحلم، ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء؛ وعلى أن للمسلمين عليهم النزل بجماعتهم حيث نزلوا، ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك، كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترضة عليهم، وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يتعرض لهم في شيء منها.

فشرط ذلك كله على القبط خاصة. وأحصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الديناران؛ رفع ذلك عرفاؤهم بالأيمان المؤكدة.