وحوصر بدمشق إلى أن أخذ وقتل، وتقاسم شيخ ونوروز الممالك والخليفة المستعين هو السّلطان، فأخذ شيخ الديار المصرية وصار أتابكا بها، وأخذ نوروز البلاد الشاميّة، وصار نائب الشام، فلما تسلطن الملك المؤيد [شيخ]«١» خرج نوروز عن طاعته، ووقعت أمور حكيت فى أوّل ترجمة الملك المؤيد، إلى أن خرج الملك المؤيد لقتاله، فظفر به وقتله.
وكان نوروز ملكا جليلا، كريما شجاعا، مقداما عارفا عاقلا مدبّرا، وجيها فى الدّول، وهو أحد أعيان مماليك الظّاهر برقوق، معدودا من الملوك، طالت أيّامه فى الرياسة، وعظمت شهرته، وبعد صيته فى الأقطار، وكان متجمّلا فى مماليكه وحشمه، بلغت عدّة مماليكه زيادة على ألف مملوك، وكانت جامكيّة مماليكه بالشّام من مائة دينار إلى عشرة دنانير، ومات عن مماليك كثيرة، وترقّوا بعده إلى المراتب السّنيّة، حتى إنّ كلّ من ذكرناه من بعده، ونسبناه بالنّورزىّ فهو مملوكه وعتيقه، وفى هذا كفاية.
وقتل معه جماعة من أعيان الأمراء حسبما نذكرهم أوّلا بأوّل.
وفيها قتل من أصحاب نوروز الأمير سيف الدين يشبك بن أزدمر الظاهرى «٢» ، رأس نوبة النّوب، ثم نائب حلب، وكان ممّن انضم مع نوروز بعد وفاة الوالد، فإنّ الوالد كان أخذه عنده. بدمشق لمّا ولى نيابتها، وجعله الملك النّاصر أتابكا بها، وعقد الوالد عقده على ابنته، وسنّها نحو أربع سنين لئلا يصل إليه من الملك النّاصر سوء.
ودام مع نوروز إلى أن قبض عليه وقتل بدمشق حسبما تقدّم ذكره، وكان رأسا فى الشجاعة والإقدام، شديد القوّة فى الرّمى بالنّشّاب، إليه المنتهى فيه.