الصافى» إذ هو محلّ التطويل فى التراجم، ومن شعره أيضا- وهو مما أنشدنى ولده القاضى كمال الدين المقدّم ذكره عن أبيه:[الكامل]
طاب افتضاحى فى هواه محاربا ... فلهوت عن علمى وعن آدابى
وبذكره عند الصّلاة وباسمه ... أشد وفواطر باه فى المحراب
ولا زال بالحبس بقلعه دمشق إلى أن قدمها الملك الناصر فرج، وأراد قتله، فشفع فيه الوالد وأطلقه والسلطان عنده على باب دار السعادة بدمشق، وتوجّه إلى حماة، ثم عاد إلى الملك المؤيد ثانيا، ولا زال معه حتى قتل الملك الناصر، وقدم صحبته إلى مصر وتولى توقيعه عوضا عن شهاب الدين الصفدى وهو أتابك، فلما تسلطن خلع عليه فى شوّال من سنة خمس عشرة وثمانمائة باستقراره كاتب السّر الشريف بالديار المصرية، عوضا عن [فتح الدين]«١» فتح الله بعد عزله ومصادرته، فباشر الوظيفه بحرمة وافرة، ومهابة زائدة، وعظم وضخم ونالته السّعادة، وصار هو صاحب الحل والعقد فى المملكة، وكان يبيت عند الملك المؤيد فى ليالى البطالة، وينادمه ويجاريه فى كل فنّ من الجدّ والهزل، لا يدانيه أحد من جلساء الملك المؤيد فى ذلك، هذا مع الفضل الغزير، وطلاقة اللسان، وحفظ الشّعر، وحسن المحاضرة، والإقدام والتجرى على الملوك، والمراجعة لهم فيما لا يعجبه، وهو مع ذلك قريب من خواطرهم لحسن تأدّيه ما يختاره، وبالجملة فهو أعظم من رأيناه ممّن ولى هذه الوظيفة، ثم بعده ابنه القاضى كمال الدّين الآتى ذكره فى محلّه، بل كان ولده المذكور أرجح فى أمور يأتى بيانها فى محلّها.
وتوفّى الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن أبى شاكر بن عبد الله بن الغنام فى سابع عشرين شوال، وقد أناف على المائة سنة وحواسّه سليمة، بعد أن وزر