عشر جمادى الآخرة بقلعة الجبل، وحضر الصلاة عليه السلطان، ودفنه بالجامع المؤيدى فى صبيحة يوم الجمعة، وكثر أسف الناس عليه، وكان لموته يوم عظيم بالقاهرة، ومات وسنّة زيادة على عشرين سنة، وأمّه أم ولد، وكان مولده بالبلاد الشاميّة فى أوائل القرن تخمينا، فإنه لما تسلطن والده كان سنّة يوم ذاك دون البلوغ، وكان نبيلا حاذقا، فأنعم عليه أبوه بإمرة مائة وتقدمة ألف، وتجرّد صحبة والده إلى البلاد الشامية، ثم عاد معه، ثم لمّا كبر وترعرع سفّره أبوه إلى البلاد الشمالية مقدّم العساكر، فسار إلى بلاد ابن قرمان وغيره، وأظهر فى هذه السّفرة من الشجاعة والإقدام، والكرم والحشمة ما أذهل الناس، هذا مع حسن الشّكالة، وطلاقة المحيّا، والإحسان الزائد لمن يقصده ويتردّد إليه؛ ولعمرى إنه كان خليقا للسلطنة، لائقا للملك- فما شاء الله كان «١»[وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلى العظيم]«٢» .
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ثلاثة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة ثمانية عشر ذراعا وثلاثة أصابع- انتهى.