الخبر بموت الملك المؤيد، وسلطنة ولده الملك المظفر إلى الأقطار، وأوعد المماليك السلطانية بالنّفقة فيهم على العادة، فكثر الدّعاء له، والفرح بتكلّمه فى السلطنة.
ثم فى يوم الأربعاء حادى عشر المحرم رسم الأمير ططر نظام الملك بالقبض على الأمير جلبّان رأس نوبة سيدى، وعلى الأمير شاهين الفارسى، وهما من مقدمى الألوف بالديار المصرية، فمسكا وقيّدا وحبسا، ثم طلب الأمير ططر القضاة ودخل معهم إلى الخزانة السّلطانية، وختم بحضورهم على خزانة المال بعد أن أخرج منها أربعمائة ألف دينار برسم نققة المماليك السّلطانية، ثم نزل القضاة.
فلما كان الليل اضطرب الناس، ووقعت هجّة بالقاهرة، ولم يدر أحد ما الخبر حتى طلع الفجر، فأسفرت القضيّة على أن الأمير مقبلا الحسامىّ الدّوادار الكبير ركب بمماليكه وعليهم السلاح فى الليل، وخرج من القاهرة ومعه السّيفى يلخجا من مامش «١» السّاقى الناصرى، وسار إلى جهة الشام خوفا من القبض عليه.
فلما كان الغد من يوم الخميس، اجتمع الأمراء عند الأمير ططر بالقلعة وعرّفوه أمر مقبل المذكور، وسألوه أن يرسل أحدا منهم فى أثره فلم يلتفت إلى ذلك، وأخذ فيما هو فيه من أمر نفقة الماليك السّلطانية، ونفق فيهم لكلّ واحد منهم مائة دينار مصرية، فشكر المماليك له ذلك، ثم أمر فنودى بالقاهرة بإبطال المغارم «٢» التى أحدثت «٣» على الجراريف فى عمل الجسور بأعمال مصر، فوقع ذلك من الناس الموقع الحسن.
وأما أمر مقبل الدّوادار، فإنه لما خرج من بيته بمن معه اجتاز بظاهر خانقاه سرقوياس «٤» ، وقصد الطينة بمن معه، ففطن بهم العربان أرباب الأدراك فاجتمعوا وقصدوه وحاربوه، هو ومن معه، فلا زال يقاتلهم وهو سائر إلى أن وصل إلى الطينة،