وفى مدّة إقامته بغزّة قدم عليه جماعة من الأمراء ممن خرج من عسكر دمشق، منهم الأمير جلبّان أمير آخور وكان أحد الأمراء المجرّدين إلى حلب فى أيام الملك المؤيّد، والأمير إينال النّوروزىّ نائب حماة، وغيرهما، فسرّ الأمير ططر بهما، وفرّ منهم- ممن كان خرج معهم من دمشق- الأمير مقبل الحسامى الدّوادار- كان- فى طائفة يريد دمشق إلى الأمير جقمق.
ثم سار الأمير ططر من غزّة بالسلطان والعساكر يريد دمشق حتى وصل إلى بيسان «١» فى يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى فورد عليه الخبر من دمشق بأن الأمير مقبلا الدوادار لما وصل إلى دمشق، وأخبر الأمراء بدخول الأمير جلبّان والأمير إينال النوروزى فى طاعة الأمير ططر شقّ ذلك على الأمير جقمق الأرغون شاوى نائب الشّام، وعلى الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى ومن معه من الأمراء المصريين، واضطرب أمرهم وتكلّموا فى المصلحة، فلم ينتظم لهم أمر واختلفا: أعنى القرمشى وجقمق نائب الشام، فاقتضى رأى ألطنبغا القرمشى ومن معه الدّخول فى طاعة الأمير ططر، والتسليم له فيما يفعل، وامتنع جقمق نائب الشّام من ذلك وأبى إلا قتال ططر، وافترقا من يومئذ، وصارا فى تباين، إلى أن كان يوم الثلاثاء ثالث جمادى الأولى المذكورة بلغ الأمير ألطنبغا القرمشى عن جقمق أنه يريد القبض عليه، وعلى من معه من الأمراء، فطلب أصحابه وشاورهم فيما يفعل، فاقتضى رأيهم محاربته، فبادر القرمشى إلى محاربة جقمق، وركب بمماليكه وأصحابه بآلة الحرب وعليهم السّلاح، ووقف بهم تجاه قلعة دمشق، وقد رفع الصّنجق السلطانى «٢» ، وأعلن بطاعة السلطان، فأتاه جماعة كبيرة من أمراء دمشق وغيرها راغبين فى الطّاعة.