وسار الأمير ططر إلى أن دخل دمشق هو والسلطان الملك المظفر أحمد فى يوم السبت ثالث عشرين شعبان، فارتجت دمشق لدخوله، وعبر دمشق وجميع الأمراء بين يديه، والسلطان معه كالآلة على عادته، وطلع إلى قلعة دمشق، وشكر الأمير تنبك ميق على قبضه على جقمق، ثم أمر بجقمق فعوقب على المال «١» ، ثم قتل بقلعة دمشق.
ثم أخرج الأمير طوغان الأمير آخور من حبس قلعة دمشق، وأرسله إلى القدس بطّالا، فخفّ الأمر كثيرا على الأمير ططر بقتل الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ، ثم بقتل الأمير جقمق نائب الشّام، ولم يبق عليه إلا الأمراء المؤيديّة- وكانت لهم شوكة وسطوة بخشداشيّتهم المماليك المؤيدية- فأخذ الأمير ططر عند ذلك يدبّر على قبضهم وجبن عن ذلك، وتكلم مع خشداشيّته المماليك الظاهريّة [برقوق]«٢» فى ذلك، فاختلفت آراؤهم فى القبض عليهم، فمنهم من رأى أن القبض عليهم بالبلاد الشّامية أصلح، ومنهم من قال المصلحة أن الأمير الكبير ططر يعود إلى مصر، ثم يفعل ما بدا له بعد أن يصير بقلعة الجبل، فمال ططر إلى القول الثانى من أنه يعود إلى مصر، ثم يقبض عليهم، ثم يتسلطن، فلم يرض الأمير قصروه من تمراز بذلك، وقام فى القبض عليهم، وبالغ فى ذلك، وهوّن أمر المؤيديّة [شيخ]«٣» على الأمير ططر إلى الغاية، حتى قال له: لا تتكلّم أنت فى أمرهم، وأنا والأمير بيبغا المظفّرى نكفيك أمر هؤلاء الأجلاب، كل ذلك لما كان فى نفس قصروه من أستاذهم الملك المؤيد؛ فإنه حدثنى بعض أعيان المماليك الظاهريّة قال: لمّا أخرج الملك المؤيّد قصروه من السّجن وأنعم عليه بإمرة عشرة صادفته فى بعض الأيام عند باب زويلة، فسلمت عليه ورجعت معه، فقال لى: يا أخى فلان، فقلت له: نعم، قال «تنظر ما بيفعل [بنا] «٤» هذا الرجل وبخشداشيّتنا؟ قلت:[نعم]«٥» نظرت، قال «٦» : الله لا يميتنى حتى أفعل