للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّوفىّ تركه ونزل من غير [أمر] «١» أوجب نزوله، على أنه لما ركب وأراد النزول مع طرباى قال له بعض مماليكه أو حواشيه: يا خوند، هذا باب السّلسلة الذي تروح عليه الأرواح، أين تنزل وتخليه؟ فقال له: لمصلحة نراها، فقال له: فاتتك المصلحة بنزولك، والله لا تعود إليه أبدا، فلم يلتفت إليه جانى بك وتمادى فى غيّه لقلة سعادته، ولأمر سبق، ولمقاساة نالته بعد هروبه من سجن الإسكندرية ونالت أيضا خلائق بسبب هروبه [من سجن الإسكندرية «٢» ] على ما يأتى ذكر ذلك فى ترجمة الملك الأشرف برسباى- إن شاء الله تعالى.

ولمّا ملك الأمير برسباى والأمير طرباى باب السّلسلة [فى الحال] «٣» نودى بالقاهرة بنفقة المماليك السلطانية، فلما سمع المماليك هذه المناداة سكنوا بإذن الله، وذهب كلّ واحد إلى داره، وفتحت الأسواق، وشرع الناس فى بيعهم وشرائهم، بعد ما كان فى ظنّ الناس أن الفتنة تطول بين هؤلاء أيّاما كثيرة؛ لأن كل [واحد] «٤» منهم مالك جهة من جهات القلعة، ومع كل طائفة خلائق لا تحصى، فجاء الأمر بخلاف ما كان فى ظنهم، ويأبى الله إلّا ما أراد.

واستبدّ من يومئذ الأمير برسباى بالأمر، وبتدبير المملكة مع مشاركة الأمير طرباى له فى ذلك.

فلما كان يوم السبت حادى عشر ذى الحجة استدعى الأمير أرغون شاه النّوروزىّ الأعور وخلع عليه باستقراره أستادارا بعد عزل الأمير صلاح الدين محمد بن نصر الله، وكان أرغون شاه المذكور قد قدم إلى القاهرة صحبة الملك الظاهر ططر من دمشق.

وفيه رسم بحمل الأميرين جانى بك الصّوفىّ ويشبك الجكمىّ الأمير آخور إلى ثغر الإسكندرية، وسجنا بها.