للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وعلى كل حال إن هذا الوهم هو أقرب للعقل من مقالة المقريزىّ فى الملك الظّاهر ططر «إن الملك الناصر فرجا أعتقه بعد سنه ثمان فى سلطنته الثّانية» وأيضا أحسن ممّا قاله المقريزىّ فى حقّ الملك الأشرف [برسباى] «١» هذا بعد وفاته فى تاريخه «السلوك» فى وفيات سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وقد رأيت أنّ السّكات عن ذكر ما قاله فى حقّه أليق والإضراب عنه أجمل لما وصفه به من الألفاظ الشّنيعة القبيحة التى يستحى من ذكرها فى حقّ كائن من كان- انتهى.

وقد خرجنا عن المقصود، ولنعد إلى ما نحن بصدده من ذكر الملك الأشرف [برسباى] «٢» فنقول: واستمرّ الملك الأشرف من جملة المماليك السلطانيّة إلى أن صار خاصّكيّا ثم صار ساقيا فى سلطنة الملك المنصور عبد العزيز ابن الملك الظاهر برقوق.

ثم خرج مع الأمير إينال باى بن قجماس من الدّيار المصريّة- مباينا للملك الناصر فرج- إلى البلاد الشاميّة، ثم انضمّ مع الأميرين شيخ ونوروز وتقلّب معهما فى أيّام تلك الفتن ولا زال معهما إلى أن قتل الملك الناصر فرج، وقدم إلى القاهرة صحبة الأمير الكبير شيخ المحمودىّ، فأنعم عليه الأمير شيخ المذكور بإمرة عشرة، ثم نقله إلى إمرة طبلخاناه بعد سلطنته، فدام على ذلك سنين إلى أن نقله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بالدّيار المصريّة، ثم ولّاه كشف التّراب بالغربيّة من أعمال القاهرة، إلى أن طلبه الملك المؤيّد شيخ وولّاه نيابة طرابلس بعد عزل الأمير بردبك قصقا الخليلىّ عنها، وذلك فى يوم الاثنين ثالث عشرين شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولمّا ولى نيابة طرابلس كان فى خدمته جماعة من مماليك الوالد [رحمه الله] «٣» من جملتهم شخص يسمّى سودون، فطلبه أن يتوجّه معه إلى طرابلس، فقال سودون:

أنا ما أخلّى جامع طولون وأتوجّه إلى طرابلس، فتوجّه معه خشداشاه أزدمر