للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما تمّ أمر الملك الأشرف برسباى هذا فى السّلطنة، وأصبح يوم الخميس تاسع شهر ربيع الآخر خلع على الأمير بيبغا المظفرىّ أمير سلاح «١» باستقراره أتابك العساكر بالدّيار المصريّة عوضا عن الأمير طرباى وكانت شاغرة من يوم أمسك طرباى، وخلع على الأمير قجق العيساوىّ أمير مجلس باستقراره أمير سلاح عوضا عن بيبغا المظفّرىّ، وخلع على الأمير آقبغا التّمرازىّ باستقراره أمير مجلس عوضا عن الأمير قجق.

وأوّل ما بدأ به الأشرف فى سلطنته أنّه منع الناس كافّة من تقبيل الأرض بين يديه، فامتنعوا من ذلك، وكانت هذه العادة- أعنى عن تقبيل الأرض- جرت بالديار المصريّة من أيّام المعزّ معدّ أوّل خلفاء بنى عبيد بمصر المقدّم ذكره فى هذا الكتاب، وبقيت إلى يوم تاريخه، وكان لا يعفى أحدا عن تقبيل الأرض.

والكلّ يقبل الأرض: الوزير والأمير والمملوك وصاحب القلم ورسل ملوك الأقطار، إلّا قضاة الشّرع وأهل العلم وأشراف الحجاز، حتى لو ورد مرسوم السلطان على ملك من نوّاب السّلطان قام على قدميه وخرّ إلى الأرض وقبلها قبل أن يقرأ المرسوم، فأبطل الملك الأشرف ذلك وجعل بدله تقبيل اليد، فمشى ذلك أيّاما ثم بطل، وعاد تقبيل الأرض لكن بطريق أحسن من الأولى؛ فإن الأولى كان الشخص يخر إلى الأرض حتى يقبلها «٢» كالسّاجد، والآن صار الرجل ينحنى كالرّاكع ويضع أطراف أصابع يده على الأرض كالمقبّل لها ثمّ يقوم ولا يقبّل الأرض بفمه أبدا بل ولا يصل بوجهه إلى قريب الأرض، فهذا على كلّ حال أحسن مما كان أوّلا بلا مدافعة، فعدّ ذلك من حسنات الملك الأشرف برسباى.

ثم فى يوم الثلاثاء رابع عشر شهر ربيع الآخر المذكور خلع السلطان الملك الأشرف على الأمير تنبك العلائى ميق نائب الشام خلعة السّفر، وتوجّه إلى محلّ كفالته.