مكة وما هم عليه، فحسّن للسلطان الاستيلاء على بندر جدّة ولا زال به حتى وقع ذلك وصار أمر جدّة كما هى عليه الآن.
ثم فى يوم الخميس سابع عشر شهر ربيع الآخر قدم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشّام إلى القاهرة، وطلع إلى القلعة بعد أن تلقّاه أكابر الدّولة وقبّل الأرض، وخلع عليه باستمراره، وأنزل بمكان يليق به إلى أن خلع السلطان عليه خلعة السّفر، وعاد إلى محل ولايته فى سادس عشر شهر ربيع الآخر المذكور.
وفى هذا الشهر كمل عمارة البرج الذي عمّر بالقرب من الطّينة «١» على بحر الملح وجاء مربّع الشكل مساحة كلّ ربع منه ثلاثون ذراعا، وشحن بالأسلحة، وأقيم فيه خمسة وعشرون مقاتلا، فيهم عشرة فرسان، وأنزل حوله جماعة من عرب الطّينة، فانتفع به المسلمون غاية النّفع، وذلك أن الفرنج كانت تقبل فى مراكبها نهارا إلى برّ الطّينة وتنزل بها وتتخطّف الناس من المسلمين من هناك فى مرورهم من قطيا إلى جهة العريش من غير أن يمنعهم من ذلك أحد؛ لخلوّ هذا المحلّ من الناس، وتولّى عمارة هذا البرج المذكور الزّينى عبد القادر بن فخر الدين بن عبد الغنى بن أبى الفرج، وأخذ الآجرّ والحجر الذي بنى هذا البرج به من خراب مدينة الفرما «٢» وأحرق أيضا الجير من حجارتها، وقد تقدّم ذكر غزو الفرما فى مجىء عمرو بن العاص إلى مصر فى أوّل هذا الكتاب.
ثم فى يوم السبت عاشر جمادى الأولى خلع السلطان على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخواصّ الشريفة باستقراره أستادارا عوضا عن ولده صلاح الدين محمد.