فى تعظيمهم للصليب، وأشياء من هذه المقولة، ثم ما كفاه ذلك حتى [إنه]«١» صار يبتاع السلاح المثمّن من الخوذ والسّيوف الهائلة والزرديات والبكاتر «٢» بأغلى الأثمان ويتوجّه بها إلى بلاد الحبشة، وصار يهوّن عليهم أمر المسلمين، ويعرفهم ما المسلمون فيه بكل ما تصل القدرة إليه، فتقرّب بذلك من الحطّى حتى صار عنده بمنزلة عظيمة، فعند ذلك ندبه الحطّى بكتابه إلى ملوك الفرنج عند ما بلغه أخذ قبرس وأسر ملكها جينوس يحثّهم فيه على القيام معه لإزالة دين الإسلام وغزو المسلمين وإقامة الملّة العيسوية ونصرتها، وأنه يسير فى بلاد الحبشة فى البرّ بعساكره، وأن الفرنج تسير فى البحر بعساكرها فى وقت معيّن إلى سواحل الإسلام، وحمّله مع ذلك مشافهات، فخرج التّبريزى هذا من بلاد الحطّى بكتابه وبما حمله من المشافهات لملوك الفرنج بعزم واجتهاد وسلك فى مسيره من بلاد الحبشه البرّيّة حتى صار من وراء الواحات [ثم سلك من وراء الواحات]«٣» إلى بلاد المغرب، وركب منها البحر إلى بلاد الفرنج، وأوصل إليهم كتاب الحطّىّ وما معه من المشافهات، ودعاهم للقيام مع الحطّىّ فى إزالة الإسلام وأهله، واستحثهم فى ذلك، فأجابه غالبهم، وأنعموا عليه بأشياء كثيرة، فاستعمل بتلك البلاد عدّة ثياب مخمّل مذهّبة باسم الحطّىّ، ورقمها بالصلبان؛ فإنه شعارهم.
قلت: لولا أنه داخلهم فى كفرهم، وشاركهم فى مأكلهم ومشربهم ما طابت نفوسهم لإظهار أسرارهم عليه، وكانوا يقولون: هذا رجل مسلم يمكن أنه يتجسّس أخبارنا وينقلها للمسلمين ليكونوا منا على حذر، وربما أمسكوه بل وقتلوه بالكلية- انتهى.
ثم خرج من بلاد الفرنج وسار فى البحر «٤» حتى قدم الإسكندرية ومعه الثياب