بالناس الرشيد. وفيها استعفى يحيى بن خالد بن برمك من التحدث في أمور الممالك فأعفاه الرشيد وأخذ الخاتم منه وأذن له في المجاورة بمكة. وفيها كتب الرشيد إلى هرثمة بن أعين يعفيه عن إمرة المغرب وأذن له في المجاورة والقدوم عليه، واستعمل عوضه على المغرب محمد بن مقاتل العكي رضيع الرشيد، وكان أبوه مقاتل أحد من قام بالدعوة العباسية.
وفيها أمر الرشيد أن يصدر في مكاتباته بعد البسملة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وفيها توفي عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم التركي، ثم المروزي الحافظ فريد الزمان وشيخ الإسلام، وأمه خوارزمية مولده سنة ثمان عشرة ومائة.
وقيل: سنة عشر ومائة، ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة فلقي التابعين وأكثر الترحال في طلب العلم، وروى عن جماعة كثيرة، وروى عنه خلائق وتفقه بأبي حنيفة. وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين. وعن إسماعيل ابن عياش قال: ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك. وقال العباس بن مصعب المروزي: جمع ابن المبارك الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء.
وقال شعيب بن حرب: سمعت سفيان الثوري يقول: لو جهدت جهدي أن أكون في السنة ثلاثة أيام على ما عليه ابن المبارك لم أقدر. وقال الذهبي: قال عبد الله ابن محمد قاضي نصيبين حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة: أملى علي ابن المبارك بطرسوس- وودعته وأنفذها معي (يعني الورقة) إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة- هذه الأبيات:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب