العهد ثانياً من بعد ولده الأمين محمد لولده الآخر عبد الله المأمون، وكان ذلك بالرقة، فسيره الرشيد إلى بغداد وفي خدمته عم الرشيد جعفر بن أبي جعفر المنصور وعبد الملك ابن صالح وعلي بن عيسى، وولى المأمون ممالك خراسان بأسرها وهو يومئذ مراهق.
وفيها وثبت الروم على ملكهم قسطنطين فسملوه «١» وعقلوه وملكوا عليهم غيره. وفيها توفي عبد الله «٢» بن عبد العزيز بن عبد الله [بن عبد «٣» الله] بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الله العمري العدوي، كان إماماً عالماً عابداً ناسكاً ورعاً. وفيها توفي مروان بن سليمان بن يحيى ابن أبى حفصة أبو السّمط- وقيل: أبو الهندام- الشاعر المشهور. كان أبو حفصة جد أبيه مولى مروان بن الحكم أعتقه يوم الدار «٤» لأنه أبلى بلاء حسنا في ذلك اليوم، يقال: إنه كان يهودياً فأسلم على يد مروان، وقيل غير ذلك. ومولد مروان هذا صاحب الترجمة سنة خمس ومائة، وكان شاعراً مجيداً، مدح غالب خلفاء بني أمية وغيرهم، وما نال أحد من الشعراء ما ناله مروان لا سيما لما مدح معن بن زائدة الشيباني بقصيدته اللامية؛ يقال: إنه أخذ منه عليها مالاً كثيراً لا يقدر قدره، وهي القصيدة التي فضل بها على شعراء زمانه. قال ابن خلكان: والقصيدة طويلة تناهز الستين بيتاً، ولولا خوف الإطالة لذكرتها لكن «٥» نأتي ببعض مديحها وهو من أثنائها:
بنو مطر «٦» يوم اللقاء كأنهم ... أسود لها في بطن خفان «٧» أشبل